الفصل العاشر
الرجاء في سفرك تعزيةُّ لك
الرجاء ضـــروري لك ، أيها المســـافر ، وعزاءُّ في الطريق .
حــين تتعب في سفرك ، تحتمل أتعابك ، أمــــلاً بالوصــــول .
أنـزع عنك الأمــل بالوصـول ،
تفقـــــــد ، للحـال ، القـــدرة عــلى الســــــــــــير ،
احتفـــــــظ بضمير لتحـــــافظ عــلى الأمـــــــــــــل ؛
وإن عذَّبك الضمير الشــرير فقدت الرجـــــــــــاء ،
ورحت تنتظر الشجب .
أجعـــل لك ضمـــــــيراً صــــــــــــالحاً ،
ثـــــم آمن وأعمــــل أملاً بالملكـــوت ؛
ولكن ، تواضع قبل كل شـــــيء ،
فالله يعزي المتواضعين بالرجــــــاء ،
فـــلا يستكبر أحد معجباً بنفسه ،
ولا ييأس إنسان ،
وإن وضيعـــــــاً ؛
لأن وعد الله نافـــذ أكيـــد ثابـــت ،
أمــــــــــــــــــــــين ،
لا يتزعــــــــــــــزع ،
ولا يخامره أدني ريب ،
وهو للحزانى عــــزاء .
حياة الإنسان على الأرض تجربة ،
ولكـــــن أيا كان مقامُـــك فيها ،
فليـــس لك ملجـــأ ســـوي الله ؛
وليــس لك فــــرح الا في وعــــــــــــــوده ؛
لان هذه الحياة ، مهما سكبت من غبطة ،
تخدع الكثيرين ؛ بينما الله لا يخدع احـــــداً .
يوم اتجهت الى الله تحوًّلت فيك المحبـــة ،
والســـعادة فلم تنُزعــا منك بـل تحــــوًّلتا .
لا يحصل الإنســان على جميـــــع مسرات هذه الحياة ،
لكنَّ الأمل بها ثابت فيجعلها أفضل أفــــراح هذا العالم ،
وفقاً لما جاء في الكتاب .
{ تلــــــــــــذًّذ بالــــرب }
" مــــــــــــــزمور 4:36 ".
إن لم تحصل حتى الآن على ما يشتهيه قلبك ،
فهل تلتذ بالرب
لولا علمك بأنه أمين ومدين لك بوعـــــــــده ؟
المتكبرون ، بالســعادة الحاضـــــــــــــــــرة يفرحـــــون ؛
و بالمراتب التي نالوهــــــــــا ؛ يفاخـــرون ؛
وبالذهــــــب البــــــــــــــــــراق يزهــــــــون ؛
وبالخــــــدام العديديـــــــــــــــن يحُــــــاطون ؛
والعمـــــلاء المخلصون حولهم يلتفـــــــــون :
ولكن هذه كلها مظاهر كالظــــل تمــــــــــــــــر .
وحين يتـــــــم الوقــــت الذي به يفـــــــــــــرح .
جمــــيع الذين وضعوا رجـائهم عــــلى الـــــرب ،
يلفّهــــــــــــم آنـــــــــــــــــذاك حزن لا ينقــضي .
و إذ ينال المتواضعون الجـــزاء الذي كان يسخرُ منه المتكبرون
تنقلب غطرستُهـــــــم حـــــزنا
و يدوّي ذلك الصوت الــــــــذي عرفته في كتاب الحكمة قائلاً :
{ هذا الذي كنا حينـــاً نتخذه ســــخريةًّ ومثلاً للعــــار
كيف أصبح معدوداً في بني الله وحظهُ مع القديسين .
فماذا نفعتنا الكبرياء وماذا أفادنا افتخارنا بالأموال ؟
قد مضي ذلك كله كالظل }
" حكمة8،3:5 ".
هـــــــم توكلــوا على الخيور الباطلة ففسد رجاؤهم ،
بخلاف رجائك ، فإنه ســـــــــــــوف يتحقـــــــــــــق .
اتَّق الرب و ســـــرْ في سبيله
ولا تغـــــــــــــــــــــرْ ممًّــن لا يســـــيرون في سبله فتراهم سعداء ،
ولا ســـــــــعادة لهم ، بينا الشهداء سعداء في عذابهــــــــــــــــــــم .
جلادوهم كانــوا يحبــــــــــــــــــــون مـــا يـــــرون ،
أما هــــم فكانوا يسرعون إلي الخير الذي لا يرون ،
وكلّمــــا تأخــر المـــــــوت عنهـــم ،
اعتبروا تأخره خيبـــــــــة أمل لهم .
وهــــذه هي حــــــــــــــالك :
لك الآن أن تتعـــــــــــــــب ؛
لك أن تجني الثمــــــر ؛
التعــب عينه مقـــــــــرون .
بالفــرح القائم على الرجاء .
الآن تأكل خبز الألم ؛
ولــــولا بعض اللذة فيه لما أكله إنسان :
وأية لذة يجد في البكاء إنسان يصلي ؟
إنًّ دموع المصـــــــــــــــــــــــــــلين ،
لأعذب من أفراح رواد المسارح .
أشكُ همّك إلي الله و صعدّ زفـــــراتك إليــــــه ،
بانتظــــار مشاهدته ، شـــــــــــــوقاً إليـــــــه ،
حينــــذاك تحلو دموعك المنبعثة مع أشواقك .
وســـــوف يأتي إلهـــك ،
ويمســـح دموعــــــــك ،
ويكون لك خبز الدموع ،
فتســــــمن إلي الأبـــد .
أنت تعمل الآن ما يرجُى منـــه ثمـــــــر ؛
ثم تـــــــــذوق ثمرة شـــغلك .
ومـــــــع أنــــك تأكل أتعاب أعمــــــــالك .
فأنــــــــــــــــت سعيد
وكـــم تكـــــون سعيداً أوان القطـــــــاف ؟!
إن كان للرجاء هــــذا القـــدر من العذوبة ،
فمـــا أعذب الحقيقــــــــة ؟!