الفصل الثالث عشر
أيها المسيحي ، الـزرع السماوي ، المسافر على الأرض ، الساعي إلي السماء ،
الراغــب فـــــــــي الانضمام إلي الملائكـة تشــــــــجًّع وثــــــــقْ
بأنــــــــــــــــــــك ما جـــئتَ إلي العـــــالم إلاّ لكي تغـــــــــــادره .
أنك تجتاز العالم تواقاً إلي خــــــالق العالم ؛ فلا تدع أصدقاء العالم ، الراغبين في البقـــاء فيه ،
المضطربين إلي مغادرته ،شـــــاؤوا أم أبـــــــــوا ، يعكّرون صفوك ويغرونك .
ليــــس عذابات العالم شكوكاً ،
كن باراً لكي تتدرب بواستطها على ممارسة الفضيلة .
هـوذا الامتحان ، سوف يكون كم تشاؤه :
أما تدريباً وأمّا هلاكاً ، سوف يكون كما يجدك .
المحنة كالنار :
إن وجدتك ذهباً نزعت ما فيك من أوساخ ،
وإن وجدتك تبناً حوّلتـــــــــــك إلي رمــاد .
أعتبر هــذا العــــــــالم كور صـــــــــــائغ تجد فيه على السواء ،
الذهب والتبن والنار الأبرار فيـه كالذهب والكفـــــرة كالـــتبن ،
والتجـــــربة كالنــار واللـــــــــه كالصائغ .
البـــــــــــــــــــار يســـــــبح الله والذهب يلمع ؛
الكـــــــــــــــافر يجدّف على الله والتبن يدخّن :
أحدهما يتنقي والآخر يهـــــلك بالتجربة ذاتها كما بالنــــــــــــار ؛
أمّــــــــــــا الله الـذي هو الصائغ فــــــأنه يُمْدَحُ من أجل هذا وذاك .
كثرة الأشرار مناســــبة دائمــــــة لتنقيــــــة الأبـــــرار ؛
لأنه وإن أختلط الأبرار بالأشرار واختفوا في صفوفهم فإن الله يعرف خاصته .
لا تضيع سبيكة صغيرة من الذهب في كومة مــــــــن التبن ،
إذا كــــــــــــانت يد صــائغ كهــــــــذا الصائغ فوقهـا .
ما أكثر التبن وأقل الذهب ! ولكن لا تخف
لأن الصائغ يتمتع بمهارة تخوله أن ينقّي ويحفظ من الضياع .
لك أقـــــــول أيهـــــــــــا المصغي إليَّ :
لا أقـــــــول من نفســـي وبلســـــاني :
كن صالحاً وأحتمل الشر ،
كن صالحاً وأحتمل الشر مضـــاعفاً .
كن صالحاً ولا ســـــــــــــيما في باطنك ؛
لأنـــــــــك إن لم تكن صالحاً في باطنــك فلست صالحاً البتة ؛ وعليه ،
كن صالحـــــاً من الداخـــــل
وأحتمل الشر في الخــــارج والداخـــل .
أحتمــــلْ في الخارج من كان خارجاً عن معتقدك وغير مؤمن ؛
وأحتمل ، في الداخل ، المســــــيحي غير الصـــــــــــــــــــالح .
وإذ تحتمل الأشرار الذين يضايقونك تعجب باطنياً وتشــــــــــــــــــــمئز ،
كأن يوم التذرية قد حان لقــــد وضعت هناك للدياس .
ولا تـــــــــزال عــــــــلى البــــــــــــــــيدر للغـــــــــــــــــــربلة ؛
تنقل الحنطة والحزم إلي البيـــــــــــــــدر لكي تؤمن الشـعوب ؛
فهــــل تظـــــــــــن أنك الحنطة الوحيدة على البيـــــــــــــدر ؟
أنتحــــبْ على البيـــــدر لكي تفـــــــــرح في الأهـــــــــــــراء .
تــــدرَّبْ على الحيـــــاة بين الأشــــــرار ، ولا تقــــــــــــــل :
إن كـــــــان لابـــــــدَّ ، أقــــــــــــــــــــله ، من الأشـــــــرار ، امتحاناً لي ،
فليكـــــــــــــــــــــــن عــــددهم قليــــلاً وعـــــدد الأبـــــرار كبـــــــيراً .
أنت لا تفكّر بأنهـــم ، إن كانــوا قـــــلَّة ، لما اســـــــتطاعوا أن يدربـــــوا عــــــــــــدداً كـــــــــــبيراً .
إن كنت رجلاً فطنــاً عرفـــــت أنــــــــه لــــــــــــو كــــــــثر عدد الابــــرار و قل عدد الاشـــــــــــرار .
لما تجاسر هــؤلاء أن يـــــــــــــــؤذوا ذاك العـــدد الكــــبير من الصالحين و لما تمكنوا من تجربتهم .
امــــا الآن و قد كثر عدد الأشرار فعلي جيش الأبـــــرار .
القليل العدد أن يعمل وســـــــــــط تلك الكثرة من الأشرار .
الإنسان في شقائه بعرق جبينه يعمـل ، والذهب يتنقي بالعرق .
كــــــنْ إذن فــــــــي جمــــــال بــــــــيت الله .
إن كــــــــــانت المحنة كالنار فالسعادة كالماء ؛
النـار تحرق والماء يأســـــــن ؛
فعلي الإنسان أن يخــــشى حريق المحنـــــــة وماء الفساد .
متى نضَـــبتْ الخــــــيرات أو حدث ما يسمونه في العـــــــلم كـــــارثة ، كانت النار ؛
ومتى أزدهرت الأعمـــال وعــاش الإنســــــان في بحبوحة من الأرض كان الماء .
حذار من أن تحرقك النار ويفسدك المـــــــــاء .
وبالتالي كافح النار ،
إذاً عليك أن تقســو كإناء الخـــزف وأن تلـــقي في أتون النار ليشتد كيـــــــــــانك .
الإناء الذي قســــا لا يخشى الماء ، إن لم يشتد في النـــــــــار فالماء يذّوبه وحلا .
لا تسرع إلي الماء بل روحْ إليــــه ، عبر النار ، لكي تعــــــبر المــــــــاء أيضـــــاً .
حـــــــــــــــــــين لا تنفجر في النار ولا تغــــرق في المــــــــاء
بل تسبح فوقـــه تصـــــــــــل إلي الراحــــــة على أجنحة النظام ؛
وبعـــــــــــــد أن تجتــــــــــــــــاز النـار والماء تقـــــــــــاد إلي مكـــــــان الــتبريد .
متى أراد الله أن يشدد ما قد كونه يبدو غاضباً عليـــك .
فلا تخـــــــف لأنه لا يغضــــــــب لــكي يهلك وهو أب .
إن اســـتبقاك ساعة تهينـــــــــه كــــان أشد غضبــــاً .
إن تجارب هذا العــالم هـــــي بمثابة عصيّ ،
بيـــــــــد من يصلح ، تجنيباً لقضاء العذاب .
العــــــنب المدلي على الكرمة يبدو كاملاً ولا يشعر بالعصــر ؛
إنمـــــــــــــا لا يسيل منه شيء .
ولكـــــن حين يلقي في المعصرة ويداس ويعصر يبدو وكأنه قد أهين ؛
بيد أن هذه الإهــــانة ليست عقيمة .
زد عـــــــــلى ذلك أنه لولا تلك المعاملة له لظلّ عقيمـــــــــــــــاً .
إن كـنت حتى الآن لم تلقَ أي اضطـــــــهاد من أجــــــل المسيح ،
فلأنـــــــــــــــــــــك لم تحـــــــيَ حـــتى الآن بالتقوى في المسيح .
ولكن متى بدأت تعيش ، تدخل المعصرة حــــيث تســــتعد لأن تدوسك الأرجل ؛
ولكن لا تكن جافاً مخافة ألاّ يخرج من المعصرة شيء.
لقـــــد ولـــــــــــــدت لكي تتحمل الضربات ،
لأن ولادتك من آدم الذي حُقًّتْ له الضربات .
لا يجــــــــــــــلد الخطــــــــاة غالبــــاً في هذه الحيــاة ،
أو قد يجلدون أقل مما يلزم لأن إرادتهم قد ســـــئمت .
وبالنتيجــــــة فإن أعـــــــــدت لك الحيــــــــاة الأبديــــــة
فمن الضروري أن تجلد ههنا لأن الرأي التالي صحيـــح :
( يا بنـــــــــيّ لا ترذل تأديب الرب ولا تسأم توبيخــــــــه
فإن الــــــــذي يحبه الربّ يؤدبــه ويرتضي به كأب بابنه )
" أمثال11:3-12 " .
إن رذلــــــت التــــأديب فــــــــــلن تعطي الميراث ،
لأنه من الضــــــروري أن يؤدب كلّ ابــــــــــــــن .
لقد جلد الكـل حتى الآن والـــذي لم يعرف الخطيئة جــــــلد أيضـــــاً .
أســـــتعد لكي تأخذ نصيبك من الجلد ؛ وإلاّ لما كنت مقبــــولاً .
أنه يجلد كل ابــــــن يرتضيــــــــــــه ، فهل تعــــفي من ذلك ؟
إن لــــــم تتـــــــألم مع المجـــــلودين فلن تحصى مع البنين .