الفصل الرابع عشر
كم تكـــــون التجربة أحيـــــاناً حــــــلوة وضرورية !
إن كنــــــت معذباً فاعتزل هذه الضوضاء الخارجيـة ،
وأذهـب إلي خلوات فكــــرك البـــــاطنية ،
ثم أدع الله وأغلق باب مخدعك بوجـــه المشـــــاكل ،
الـــتي تطــــــــــرق بابـك مـن الخــارج .
وأضـــــعْ نفســـك معترفاً بخطيتك ،
وسبح الله وعظّمه على تأديبـه لك .
وبكلمــــة ، حافظْ على هذا التخشــــــع صدقني ،
لقـــــــــــد خـــــبرتُ ذلك بنفــــــــسي :
حصلتْ لي تجـــــارب فصلّيت ونجحت .
رجوت الله فلــــــــــم أخــــــــــــــــــذل ،
أفكــــــاري وســـكن خوفي .
لا تظــــــــنن نفسك وحيـــداً ،
مــــــتى كان المسيح حاضراً فــي قلبك بالإيمـــــــــــــان .
تفكـر غالباً بأنك وحـــــــدك لأنه لا يخلصك ساعة تشاء .
خلص من الأتون الأولاد الثــــلاثة ،
وهل تخـــــــــلي عن المكــــابيين ؟
لقــــد خلـــــص هؤلاء وأولئــك ؛
بشكل منظـــور ســــــــــــــــــــاعد الأولاد الثلاثة .
وســــــــراً ساعد المكابيين فمنح الأولــين الحياة الزمنية ،
ليخـــــــزي الكفــــــــــــــرة ومجًّد الآخرين سراً ليشـــجب المضطهد الأثيم .
أعــــــــلم أن شـــــــــــــقاء الجنس البشري الذي تبكيه هو :
عذاب علاج ، وليـــــــــس حكمــــاً عقابياً .
ساعة كان داود الصديق يحتمـــــــــــل عـدوه ويخافه ،
وهو يلاحقه فيهرب منه هنا وهناك لئلا يقع بين يديــه .
لم يشته امرأة غريبة .
ولا قتــل الرجــــــــــــل ولا ارتكـــب الفحشاء .
وبقــــدر ما كان واعياً لسلوك الله تجاهه زاد شعوراً بعجزه .
بيد أنــــــك تقـــول : أني أتــــألم كـــثيراً .
إن الله يؤدب بشده لأن المكــــــــــــــافأة التي يجب أن تأخذها قيمه جــــــداً .
فمن أين تتألم إذن ؟ أنت مولـــــــــــــود ، لذلك فكّـــــر بـــأنه يجب عليــــك .
طــــــوال حيـــاتك ، حتى تشيخ وتموت ، أن تحتمــــل مــــا أحتمـل أيــوب .
وما أحتمله أيوب فــــي أيام معـــــــــــــدودة ،
يحتمله آخــر منــــذ أيام طفــولته بالذات .
مــا تحتمله الآن يـــزول و ينتـــــــــــــــهي .
وأمّا مـــــا سوف تناله فلن يــــــــــــــــزول .
لا أريد منك أن :
تقارن ، منـــــذ الآن ، بين الثواب والعقاب :
قارن ، إن أستطعت ، بين الزمان والأبدية .
ما هـــــــــــــو مليون سنة من العمل ،
قل لي بحقك ؟ مليون سنة ينتـــــهي .
أما مـــــــا سوف يعطيكه الله فلا نهــاية لـــــه .
ما أعــــظم رحمة الله الــــذي لا يقـــــول لــــك :
أعمـــــــــل مليون ســــــنة أو خمسـمائة سـنة ،
بل أعمــل طـــــوال هـــــــذه السـنوات القليـلة .
من حياتك تسـترح إلـــي الأبــــــــــد .
ـــــــــــــــــــــــــ
|