الفصل الثامن
الفضائل سلاح المسيحي في جهاده
إن الله لا يعلمك نشيداً سوي نشيد
الإيمان والرجاء والمحبة :
ليكن إيمانك به قوياً :
طالما أنك لا تـــــراه وتفـرح حين تـــــراه ،
ثم تـــــرى نـــــوره بعـد الإيمان ؛
إذ لا يقال لك آمــــنْ بمـــا لا ترى ،
بــــــــل ( أفــرح بمـــا تــرى ) .
قـــــوّ رجـــاءك فيــه فـــلا يــتزعزع ،
ولا يــــــتردد ،
ولا يتأرجـــح ،
ولا يضــطرب ،
كما أن الله الذي بنيتَ عليه رجاءك لا يتــــزعزع .
الصبر ، الآن ضروري حتى تتحقق الوعود ؛
وفي الرجاء لا يحتـــــاج أحــــــد إلــــي الصـــبر .
أمّــا حــــين يطلَب منك أن تصبر ،
حينذاك تكون في ضيـــــــق .
متى قيل لك :
أصـــبر تحمَّـل ، وأنتــــظر ، لأنــك خاضـــع لتجربة ،
يريدك الله فيها شــــــــــجاعاً ، صبـــوراً ، سـخياً وطــويل الأنـــاة .
الطبيـــــــــــب الذي يريـــــك الحــــــديد
الذي يعالجك به يقــول لك :
أصــــــــــــــبر وتحمــــــلّ
يفــــــرض عليك الصبر في الآلام ،
ويعـــــدك بالصحـــــــــة بعدهــــا .
إن تحملَّت الآلام التي تســـببت لك مـــن مبضع الطبيب ،
خائفاً ، مضطرباً و مفكرّاً بالشـفاء ،
الــــــــــــــــــذي لـــم تحصل عليــــه ،
خـــارت قــواك تحت وطــــــــــــأتها .
كثيرة هي آلام هذا الدهر في الداخــــــــل ،
والخـــــــــارج وهي مســـتمرة :
الشكوك كثيرة ولا من يدركهـا ،
خلا من يسير في طريق الله .
وها هي الصفحات الإلهية تدعوك إلي تحمّل الحاضر وترجيّ المستقبل ،
ومحبة ما لا يري ، وصولاً إلي معانقــــــــــــة ما يــــــــــــــري .
إن المحبــة التي تتصـل ثالثاً بالإيمان والرجاء هـــي أعــــلي منهمــــــــــا ،
لأن الإيمان يختص بما لا يري ويصبح حقيقــةً مـــا لم يكن يري حين يري ،
الرجــــــاء انتظــار خير للإنســان لم يبلغــه ؛ ومتى حــازه بطــل الرجـــاء .
وإذ يحـــوز الخــير لن يبقي للإنتظار معـني .
أمّا المحبة فلا تعرف غروبـــاً بل تنمو باســــــــتمرار .
إن أحببتَ من لا تراه ، فكيف تحبه حين تراه ؟ أجلْ ،
أرغــبْ فيـــه تتقـــدم . لا تَعـدِ الآن بالســــلام نفسك ،
لأنك إن حققت السلام اجتاحــــك العــدو، وأنــــت تظــن نفسك في ســـــــــلام .
إنــك كمــــن يســــافر عـــــلى بحـــــيرة ، عرضه للريـــــــــح والعــــواصـف ،
في ســـــــــفينة تكــــــاد تكـــــــــون مليئــة بتجــــــــارب العالم اليومية .
إن آمنـــــت كان المسيح فيــــــــــك ،
لأنه بالإيمــــان يســـــكن قلوبنــــــا .
وبما أنك تؤمـــــــــن ،
فالمسيح في قلبــــك .
بينما كان المسيح نائماً في الســـــــــــــفينة ،
خـــــــاف تلاميـــــــذه واضطــــــــــــــربوا ،
إذ عصـــــــــــفت ريح صرصــــــــر فعــلت الأمـواج ،
وأشرفت السفينة على الغـــــــــرق ويسوع نـــــائم .
كذلك يضطرب قلبك الشبيه بســــفينتك ،
لدي هبوب العاصفة في هــذا العـــــالم :
تضطــــــــــرب ســـــــــــــــفينتك ،
لأن المســـــيح نــــــــــــائم فيــك .
تهـــــــــبّ عواصف هـــــذه البحــــــــــــيرة ،
حين تري الأشرار ينعمـون بالخـــــــــيرات ،
والأبرار يرزحـون تحت المصائب :
أنهــــــــا التجربة والمـــــــوج العـــــــــالي .
ثــــم تقــــــــول في نفســــــك :
ربّ أهــــــذا هو عــــــدلك ؟
أن يســـعدَ الأشـــــرار
ويشـــقي الأبــــرار ؟
فيجيبك الله :
أهــذا هـــــو إيمــــــــــــانك ؟
هـــل وعدتك بهذه الأشـياء ؟
وهـل صـــرت مســـــــيحياً ،
لكي تتنعـم في هـذا العــالم ؟
وهل تتعــــــذب الآن
لأن الأشــرار الذين سوف يتعذبون مع الشيطان ،
يتنعمون الآن ؟
ومن أيـــن لك هـــــــذا الكـــــــــلام ؟
ولمَ تخاف أمواج البحر والعاصفة ؟
لأن يسوع نائم ،
والإيمان الذي يأتيك من يسوع نائم ،
هـــــــــو أيضــــــــاً في قلبـــــــــــك .
أيْقظْ يسوع وقل له :
أيهـــــا المعلّـــــم ، أني أهـــــــلك ،
فالأمواج المضطربة تتلاعب بي :
أني أهلك .
ويستيقظ يسوع ويعود الإيمان إليك ،
وتدرك به أن كسب الأشرار ، لزمـن ،
ولـــــــــن يـــــــدوم بدوامهـــــــــم .
في هـــذا العـــــــــــالم ســـوف تنزع منهم خيراتهم ،
وســوف يتخلَّـــــــون عنهـــــا حــــــين يمــــوتون .
أما ما وعدت به أنت فســـوف يبقي إلي الأبــــــد .
وإن ما قد أعطوه إلي زمن سوف ينزع منهم للحـــــــــــــال ؛
لأن هـــــــــــذا الخـــــــــير قــــد أزهـــــــــر كزهـر العشـب .
أعرض عمّا يزول ،
وأتجه شــــــــــطر ما يبــــــــقي ؛
فلــن تهزّ منذ الآن قلبك عاصفة لأنك مـــع المســـــــــــــــــــيح ،
ولــن تمــــلأ الميــــاه ســـــفينتك لأن الإيمان يأمر الريح والبحر ،
فـــــــيزول الخطر .
فكّــر بالمسيح متى تعرضـتَ لصعـوبة ؛
أنت تتعـــــذب غــالب الأحيـــــــــــــان ولا تصــــــــــــبر ،
لأن ما تحمله المســـيح لا يخطر لك ببال .
إن نســــيت آلام المسيح نام المسيح فيك ،
وإن ذكرتهــــــــــــــــــــــا اســـــــــــــتيقظ .
ولكن متى تأمــلت مــــــن كل قلبك بآلامـه ،
ألا تتـــألم بكليتــك ؟
وقــد تغتبط حين تري فيـــك ،
ما يشـــبه آلام مليكك .
متى فكـــرت بهــــذا متأمـــلاً تعزّيت واغتبــــطت ،
لان المسيح قام وأمر الرياح فحدث هــدوء عظيم .
هل تغضب حــــين تسمع إهـانة ؟
الإهـــانة ريــــــــــــح ،
والغضــب مـــــــــوج .
أنت في خطــــــــــــــــر ،
تســـتعد للجــــــــــواب ،
ولــــردّ اللعنــة بلعنـــة ؛
إذا ذاك تشرف سفينتك
عـــلى الغـــرق .
أيقظ المسيح النائم فيـــك ليقـول لك :
ولمـــــــاذا ؟ هـل أنتقمـت لنفـــسي ؟
ومــــتى قال لك الإيمـــان هذا القول
حينـــذاك :
يأمـــــــــر الإيمان الرياح والعاصفة ،
فيحـــــــدث هــــدوء عظيـــــــــــــــم .