الفصل التاسع
في أن عذابَ ضمير الخاطئ هو شرُّ عذاب
كثيرة هي ضيقـــــاتي ، وفي كل منهـــا ، أفزع إلي اللــــه :
إن حــــــــــــــــــــزنت لأمــــــــــــــــــور عائلية أو صحية ،
أو لخـــــــــــــــــــــطر يتعرض لهـــــــا إنســـان تحبّـــــه ،
أو لمـــــــا هــــــــــو ضروري لقيام هذه الحياة الحاضرة ،
فلا يجوز أن تلجأ إلاّ إلي مخلّصك وإلهك فتجد قوة لديه ،
على أنه لا شــــــــرًّ من عـذاب الخطيئة ،
في كل ما يحـــــــل بالإنسان من عذبات في هذه الدنيـــا .
مهمــــــــــا يكـــــــن عذابك ،
فـــإن سلمت من كل جــــرح في ضميرك ،
وكـــــــــــان باطنك ســـليماً يمكنـــــــك أن تفزع إليه فتجد الله .
أمّـــــــــا إذا لم تجد فيه راحةً لغياب الله عنه ،
ولـــــــوفرة الآثـــــــــام فيـه ، فماذا تصـــنع ؟
وأيـــــــــــن تهــــــــرب من العذاب والضيق ؟
سوف تهرب من الريــــــــــــــف إلي المدينة ،
ومن الساحة العامة إلي بيتــــك ،
ومن عتبــة البـــاب إلي مخدعك ،
ويظّل الضـــــــيق تابعــاً لــــــك .
وهل تهرب من مخدعــــــــــك إلاّ إلي سريك ؟
وإذا كـــــــان سريرك قلقــــــاً عابقاً بدخان الشر مضطرماً إثماً ،
فلا يمكنـــــــــــك أن تفــــــزع إليه ، بل تُطرد عنه ثم تطُرد عن ذاتك .
وها إنــــــك تجد عــــــــدوك في المكـــــــــــــان الذي فزعــــت منـــــــه إليــــــــه ،
وأين تهرب من ذاتـــــــــك ؟
أني تهرب تجّـــــر ذاتـــــك
وأنـــــــــيّ تجّـــــر ذاتـــــك تعذَّب ذاتك بذاتك .
وتجــــــــد الضيقات عينها ،
وهـــــــــي ليست أقســــي مـــــــن ذي قبــــــــــل ولا يسعها ذلك ،
لأنها ليست باطنية أكثر من ســـــواها .
حـــــــــــين يختار العمّال الخشب أو ينبــــــــــــــــذونه ؛
يبـــــــــــدو غالب الحيــــــــــــان مخدشاً عفنــــــــــــــاً ،
بيـــــــد أن نظرة العـــامل إليــه لا تتوقف على خارجــه ،
بـــــــــــــل تلــج إلي داخـــــــله حتى إذا وجده ســــليماً ، أبقــاه في البنــــاء ،
ولم يقلقه منظــــــره الخــارجي طــــــــــــــــــــــــالما أن الباطن منه صحيح .
وبالعكس ، إن لم يكــــــــــــــن الضـــــــمير البــــــــاطني ســــــــــــــــــــليماً ،
فما نفــع الخــــــارج الســليم ، والعمود الفقريّ للضمير نخــــــــــــــــــــــــر.
ضـــــــــميرك هو بيتك الداخـــلي ،
إن كــــــــــان شـــــــــــــــــــــريراً طردك منه إلي الخارج ؛
ولا يسعك أن تســـــــــكن فيــــــه بحريتــــــــــــــــــــــــك .
وتخرج منـه ذاتــــــك بإرادتـــــك وتحاول أن تجد اللــــذة في المــــــــادة حـــــــــولك ،
وتسعي إلي أن تســــــــــــــتريح في الترهّات والمسارح والدعارة وكل ما هو عاطل .
وتحاول أن تجـد ذاتـــك مرتاحاً .
خارجاً عن ذاتـــــــــــــــــــــــك إذ ليس لك ملجــــأ باطني تجد فيه نفسك مرتاحاً في ضميرك .
وماذا تصنع أيهــــا الشـــــرير متى حلّت بك التجـــــــــــربة ؟
لـــــــــــــن تجـــــد تعزيــــــةً لا في الداخل ولا في الخــارج ،
ولـــــــــــن تســــــــــــــتطيع أن تخـــــرج إلي مكـــــــــــــان .
وكل مكــان قــــاس عـــــليك ولن تجــــــد مكاناً تدخــل إليــه . وكل مكان شـــر .
تعزيتــــك ليست في الخارج ، ولا في الداخــــل ؛
ليست في الخـــــــــــــــارج ، حيث الضـــــــيق
وليست في البـــــــــــــــاطن لأنه شــــــــــــــــر ،
ولا يمكــن للإنســـــــــــــان أن يرتاح إلي الشر .
ومــن كان شــــــــــــــريراً كان شريراً مع نفسه ،
ولا مقّر له من العـــــــذاب ، لأنه هو ذاتـــــــــه لذاته عـــذاب .
ومــــــــن عــــذّبه ضميره كان عذابـــــــــــــاً على نفســــــه .
إذا كــان العـــــــــــــائدون إلي بيوتهــــــــــــم يَشْقَوْنَ خـــــــــــــــوفاً ،
مـــن أن ينقلب عليهــــــــم ذووهم ويخــونوهم ،
فمـــــــا أشــقي الذيـــــــــن يأبـــون الرجــــــوع إلي ضـــــــــــميرهم ،
مخافـــة أن تطـــــــــــردهم منهــــا معــــــــارك ،
آثامهـــم تقـــــدسّ تمامــــاً بخـــــــــــــوف الله ، تقدس جسداً وروحاً ،
إن كــان برّ الجسد والروح ناقصـــــــــــــــــــاً كان العمـــل ناقصـــاً .
إن كــان برّ الجسد والروح ناقصـــــــــــــــــــاً كان العمـــل ناقصـــاً .
هناك من يتنزهــــــون عن أعمـــــال الســــوء ، ولا يتجنبـــــــــــــون أفكار الشر ،
يطهّرون الجســــــد دون الروح .
وأي نفع لك من طهارة الجسد إذا كان الســــاكن في الجسد فاســــــــــــــداً ؟
إن عشت حياة شر، ولو صمت اللسان جدفّت على الرب بحياتك :
( ولا سلام للمنافقين يقـــــول الــــرب ) " أشعيا 22:48 "
وماذا ينفعك الترنيم بلســــانك إذا كان الإثــــــــم يفــــــوح من حيــــــــاتك ؟
بارك الرب بحيــاتك ولســـــــانك ،
وقلبـــك وفمــــــــــك ،
وكلامك وأخــــــــلاقك ،
وســـــبحه تسبيحاً خاليـــــــــــــاً مـــن كل تنـــــاقض .
وعليك أن توفـــق بين اللســــان والحياة والشـــفاه ، والضمير ،
لئــــــــــلا يكـــون الكلام الصالح شاهداً على أخــلاق عــاطلة .