الفصل الرابع عشر
أعلمـــــــــك أن تقتـــــــــــدي بالمســـــيح .
إن أحببــــت المسيح فأحبب جميعَ النـاس ،
أحـــــــــــبَّ أصــــــــــدقائك،
وأحــــــــبًّ أعــــــــــــدائك ،
إن المسيح المعلق على الصـــــليب قال :
( أغفر لهم يا أبت لأنهم لا يدرون ما يصنعون )
" لوقا 23/34 " .
لـــك أرســـل هذه الكلمــــــة لكي يسمعها الكل .
كان بوسعه أن يصلّي عن صالبيه بصـــــــمت ؛
إنمــــــــــا كنــــــــــت حرمت مــن المثـــــــال .
بكلام قليل علّمــــــــك ما يستطيع أي إنسان أحمق أن يقوله ،
وعــــــــــلى ذلك الكـــــــــلام أسّـــــــــس قضيتــك .
وعلّمـــك المعـــــلم الســـــــماوي أن تصلي ،
علمــــك أن تصلي وفرض عليك الصــــلاة ،
لأنـــــــــك كنــــــــــــــت مجــــرماً .
أفــــرح لأن محاميـــك في الوقت الحـاضر ،
سيكون لك ديَّانـــــاً في المستقبل .
أنت مدين لمن لا يغش ولك أنت أيضاً مدين .
أنت مدين لله ومدينــــك هــــــــــو قريبـــــك ،
ويصنع الله بمدينة ما أنت صانعه بمدينـــك .
وإنّ ما تسـامح به مدينك تقدّمه هديةً لله .
أنت تطلب من الله رحمــــــــــــةً ،
فلا تتهـــــاون في رحمة القريب .
إن الله يريد رحمةً لا ذبيحــــــــة .
لا تقربّ قرباناً بلا رحمة ،
إذ لا تغفــر لـــك خطــــاياك ،
إلا إذا قرّبت قربانك برحمـة .
ولا يكفيــــــــــــك أن تسامح ،
عليـــــــــــــك أن تحـــب ،
تمنَّ على عــدوك أن يكــــون شــريكاً لك في الحياة الأبدية
وأن يكـــون لك أخاً
إن كنت تتمـــنَّي في محبتــك لعدوك أن يكون لك أخــــاً ،
فمتي أحببته أحببت أخـــاً .
إياك أن تحب فيه ما هو عليه بل ما تريـــــده أن يكون .
إن الله يحــــــــب الخطــــــاة ، ولكنه لا يحبهـــم خطــاة لكي يظلوا خطاة .
عندما صـــــــلّي المســـــيح على الصليب عن الخطـــاة ،
أراد أن يغيروا ما بنفوسهم .
ورفعهم من مصاف الأعداء إلي مصــــاف الأخــــــــوة
ولقد حقّــــــــق ذلك فعليــــاً .
أقتـــــــــد بالمســـــــــــيح ، أيغضب عليك الإنسان ؟
إن غضب فصـــــــــــــــــلّ . وإن ابغــــض فارحم .
انــــــــه يبغضـــــــــــــــك بنفـــــس محمــــــــومة
ولكنـــه ســــــــــــــــــوف يشــــفي ويشــــكر لك .
إن أبغضك عدّوك ظلماً سوف يعلم أن :
جشع العالم الذي هو فيــه يبغضــــك
وذاك هو سبب بغضه لك .
إن أبغضته أنت أيضاً رددت له الشر شراً .
كنــــــتُ أبكي مريضــاً أبغضك ، أما وقد أبغضته أنتَ أيضاً .
فصرتُ أبكي مريضين .
إن أضطهــد قضيتـــك حرمك ممّا كنت تتمتـع به على الأرض ،
فابغضته لأنه ضيّق عليك فوق الأرض .
لا تتوقف عند هـــــذه الأحـــــــزان ،
بل أرتفع إلــي فــوق إلي الســـماء
وقلبــــك يكون حيث المدى الرحب ،
ولســـت تشــــــكو ضيـــــــــــــــقاً ،
عندمــــا ترجـــــــو الحياة الأبديـــة .
تأمــــــل بما يأخذ منك ؛ إذ ، لو لم يســــــــمح له بــــــــذلك الله
الـــذي يجلد الابن الذي يرضي عنه ،
لمــــا أنتزع منـــك مــا انـــــــــتزع .
عدوك هـــــو بمثــــــــــــــــابة مبضع الله الذي يشــــــــــــــــــفيك ،
إن رأي مفيداً انتزاع شيء منك سمح له بــــأن يهاجمك ويضربك ،
انه وســــيلة للاعتناء بــــــــك ، فأطــــلب لــه أيضــــــاً الشــــفاء .
إن أحببت عــدوك أقام الله فيك وكملت محبته لك .
باشــــــر بالمحبة تصــــــــــبح كـــــــــــــــــاملاً .
إن باشرت بالمحبة بـــــــــدأ الله يسـكن فيــــــك ،
أحــــــــــــــــــــــبّ ذاك الذي بدأ يسكن فيـــــــك ،
لكي يصتيرك كامــــــــــــــلاً ،
بسكناه فيك على وجه أكمـل .
قال المســـــيح وهــو عــــــــلى الصليب :
( أغفر لهم يا أبت لأنهم لا يدرون ما يفعلون )
أقتد بمعلمك ، بربــــك وإلهــك ؛ وهل كثير عليك أن تقتدي بــــه ؟
لقد قدّم لك مثالاً ، لكي تعمــــــــــــــل أنـت مثـــــله ،
ولكـــــــــــن إن ظننت أنــــــــه كثير عليـــــــــك أن تقتدي بسيدك ،
فتأمل اسطفانوس .
كثير عليــــك أن تتطلع إلي الشمـــــــــــــس ،
لأن عينيــــك مريضتان ؛ فأنظر إلي القنديل .
قال المســــيح من على صليبه :
" أبتاه بين يديك استودع روحي"
" لوقا23/46 " .
قال هذا كإنسان ، مصلوب ،
مولــــــود من امــــــرأة ، ولابـــــس هذا الجســد ،
وكمن سوف يموت عنك ، ويصـــــير إلي القـــــبر ،
ويقــــوم ثــــالث يــــوم ، ثم يصعـــد إلي الســماء .
والآن أصغ إلي اسطفانوس يقول :
( يا سيدي يسوع أقبل روحي )
" أعمال 7/58 ".
وكانت صلاته هذه عنك ،
إنما خطر ببــاله شـــــــــيء أخـــــــــر ،
وهـــــــــــــــــــو أن يكون مثالاً يحُتذي .
واقفـــــــــاً صلّي لنفســــــــــــــــه ،
وراكعـــــاً صلّي من أجل راجميه .
كان عالماً بأنه يصـــــــــــــــلي من أجـــل مجــــرمين ،
وبقـــــدر ما كانــــــــــــــــــــوا أشــــــــــــــــــــــراراً ،
بقــدر ذلك كان من الصعب عليه أن يســــــــــــــتجاب .
قــــــال المســـــــــيح المعـــلق على الصليب :
( أغفر لهم يا أبت ) .
وقال اسطفانوس وهو راكع تحت وابل من الحجارة ،
( ربّ لا تحسب لهم إثمهم هذا ) .
كــــــــان اســطفانوس أول من ســـــــــفك دمه فـــي ســبيل المسـيح ،
وكـــــأن إكليـــــــــــلاً انحدر من السماء مكافأة لمن
ويقتدون بفضيــــــــلة رائـــــــــدهم فـــــي الجهـــاد .
وإذ بعدد كبير من الشهداء يملأون الأرض .
وكل الذيـــــن سفكوا دمـــــهم اعترافاً بالمســـــــــيح ،
وصنعـــــــوا ذلك الإكليـــــــــل على رؤوسهم بلا عيب ، لمن سيقتفون أثرهم .
وها هــــــــو الآن ينزلُ الإكليـل ، فإن رغبـــت فيــــــه فطـــر إليــــــه عاجــــلاً ،
وإن اشتهيته فاقتــــــــــــــــــــــد باســـــــــــــطفانوس .
ــــــــــــــــــــ
|