الفصل العاشر
إن تبتل الجسد هو من نصـــــــيب القليلــــــــين ،أما تبتل القلـب فهو من واجـــــب الجميــــــــــع .
تبتـــــل الجسد هو حفظه منزهــاً عن كل عيب ، و تبتـل القلــب هـــو خلو و الإيمان من كل عيب .
التبتل نعمة عظمي ،
و بقدر ما هي عظيمة أخشي عليها من الكبرياء .
المحبة حـارس التبتــل و عرينهـــا التواضــع .
أمــــش و هلمّ إلي يســـــوع تعلم منه :
الوداعـــــة و تواضـــع القـلب .
لن تسير نحـــــو من لا يتجاسر أن يرفع عينيــه إلي السماء لأنه مثقل بالآلام ،
لكــــــــن صــوب من نزل من السماء بدافع قوي من محبتــــــــــــــــــــــــــه .
و لن تذهـــب إلي من بللت أقدام المعلم بدموعها طالبة منه أن يغفر لها خطاياها ،
لكنك تذهـــب إلي من غســــــل أرجـــل عبيـــده غــافراً لهم خطـــــــــــــــــــاياهم .
لقد أدركت قيمة التبتل :
لا أوصيك بأن تحذو حذو العشـــار الذي شـــكا خطايـــاه بانســحاق ،
إنما أخشي أن تحذو حذو الفريسي الذي تباهي باستحقاقاته متكبراً .
لست أقول لك :
كن كالمــــــــرأة التي قيل عنها :
( خطاياها الكثيرة غفرت لهـــا أنهــــا أحــــــبت كثيراً )
إنما أخشي أن تحب قليـــــلاً إذا كانت خطاياك قليلة .
كما واني أخشي عليك أن تعجـــــــــز عن العبور معه من الباب الضيق
بســــــــبب انتفاخ كبريائك ، إذا رحــــــــــت تتبـــاهي بأنك :
ذاهــــــــب مع الحمــــــــــل إلي حــــــــــــيث يمضــــــــــي .
و أقول بثقة أن : الأزواج المتواضعين يسهل عليهم السير وراء الحمل ،
أكــــــــــــــثر من البتولات المتكبرات ،
إن لــــــم يكـــــــن حــيث يــــــــــذهب ،
فعــــــلي الأقـــــل حيثما اســـــتطاعوا .
و كيف يسير الإنسان خلف من لا يريد أن يدنو منـــــــــــه ؟
أم كيف يدنو المـــرء ممـــــــنّ لا يريد أن يتعلم منه شـيئاً .
( أني وديــــــع ومتواضع القلب )
الحملُ يأخذ معه الذين يسيرون وراءه أنيّ ذاهب .
و لهذا أعمـــلي هذا يا عذراء و أعمــــلي ما يلي :
سـيري وراء الحمـل أنيَّ ذاهــــــــــــــــب ،
و لكن هلمّى قبل كل شـــــيء و تعلمي ممّن تتبعينه ،
أنــــه و ديـــــــــــــــــــــــــع و متواضــــــع القــلب ،
هلــــم بتواضـــــع إلي مـــن هو متواضـــــــــــــــع ،
إن أحببته و لا تبتعــــد عنه لئلا تســـــــــــــــــــقط .
سر على الطريق السامي بواسطة التواضع .
إن الذي لم يخجل من أن ينزل إلي من كانوا في التراب راقدين،
يرفع الذين ســاروا خلفـــه بتواضــــع.
تابع طريقك السامي بخطي متواضعة .
إن الذي لم يندم على نزوله صوب الراقدين في التراب ،
هوعينه يعظّــــم من يســــــيرون خلفـــــــه بتواضــــع .
أعهد إليه بكل ما أعطــاك لكي يحفظه لك و أمنه على قدرتــــــــك .
أعهد إليه بكل إثم لم تعمله لئلا تظــن بأن دينـــه عليك قليـــــــــل ،
فتحبـــــــــه قليلاً و تغتر ،
و يا للأســــــــف بالــــــذي لك
فتحتقر العشارين الذين يقرعون صدروهم .
إحذر قواك الممتحنة لئلا تســــتكبر
متي أستطعت أن تحتمل تجربةً ما :
صل لئــلا تفـوق التجـربةُ قـدرتك .
فكّر بمن هـــــــــم أفضل منــــــك باطنيــــــــــاً ، و إن ظـــــهروا أحط منك ،
حين تعــترف بما للآخـــرين من فضــــــــل كنت لـــــــــــه جاهــــــــلاً ؛
لأن ذلـــــــك لا يحط من قيمة خيرك الروحي بــل يتأصل فيك بالمقارنة .
و أما ما تطلبــه فســوف تناله بســــهولة إن ســـألته متواضعــاً .
المواظبون قــــدوة لك تحُتـــــــذي و الســــاقطون يزيـــــدونك خـــوفاً .
أحـــــــب المواظـــبين و اقتد بهم و احزن عــــلى الساقطين لئلا تستكبر .
لا تقــــــم بـــــــــــرك و أخضع لله الذي يبروك .
أغفـــــر للآخـــــرين خطاياهـــم و صلّ من أجـــــــــل خطــــاياك :
أجتنب بسهرك خطايا المستقبل و أمحُ ما مضي منها بالأعتراف .
كمــلّوا على هذا النحو طريقكم ، يا قديــــــــــسي الله ،
أيها الأبنـــــاء و البنـــات و النساء و الرجال
و البتولين و البتولات
كمّلوا حتى النهاية .
زيدوا طيبـــــةً مسبحين الرب الــــذي بــــــه تفكّــــــــــــرون ،
و أرجو منـــــه سعادةً أعظم ، أيها المثابرون على عبــــادته .
و زيدوا حرارة في حبكـــــم لمن زدتم اهتماماً في استرضائه .
بأوساط مشدودة و سرج موقدة ترقبوا رجوع الــــرب من العــــرس ،
سوف تحملون إلي عرس الحمل نشيداً جديداً ترنمونه على قيثاراتكم .
و لكنـــــه ليس ذلك النشــــــــيد الذي تنشــده الأرض بأســـــــــــرها
بل ذاك الــــــذي لا يستطيع أن ينشده أحد ســـــواكم .
تلميذ فضــــله المعــــــلم على ســــــواه و تعودّ أن يســــــــــتريح عـــــلى صدر المعـــــــــــــــــــــــلّم ؛
تعــلّم العجائب السماوية من كلمــــة الله الـــــــــذي علّمها الناس ورآكم في ريا يوحنــــــــــــــــــــــــا .
أجـــل هـــــو ذاته رآكـــم أيها القديسون المرنمون بالقيثــــــــــــــــــــــــارة مائة و أربعــــين ألفــــــاً .
و كان جسدكم منزهـــــاً عن كل عـــيب و قلبكـــــم للحقيقـــــــــة واعيـــاً ، إذ ذاك قال عنكم في كتابه :
إنكــم تســــــــــــــــيرون خلف الحمــل لأنيّ ذاهب.
و إلي أين يذهب الحمل ؟
يذهــــــب حــــــــــــيث لا يجرؤ أحد سواكم أن يسير خلفه إلي أين ؟
ما هي غايتـــــــــه ؟ ما هي أوطــــــــــانه ؟
يذهــــــب حـــــــــــيث تخــــــصب الأفــراح و تنمــــــــــــــــــــــــو ،
ولا يذهب حـــــــــــــيث أفراح العالم الباطلة و جهــالاته الخـــداعة ،
ولا حـــيث هي أفراح غير العذارى في ملكـــــــــــــــــــوته ،
إنما يذهب حيث تختلف أفراحه عمّا ســــــــواها من الأفــــــــــــراح .
لعـــذارى المســــــيح غبطة من المسيح في المسيح و مع المسيح ،
على خطي المسيح ، في طريق المسيح و من أجــــــــــــل المسيح .
و للعذارى أفراح مختلفة عن أفراح من لسن عذارى،
و إن كـــــن للمســــيح لســــــواهن أفــــــــراح خــاصة .
و لكـن ليس لغــــيرهن أفــــــــراح كأفــــــــــــــــراحهن .
ســــــــيروا في هذا الطــــريق وراء الحمل لأن جسد الحمل بتول :
لقد حفــــظ و أنمى ما حبل به ثم ولد و لم ينزع عن أمـــــه شيئاً .
سيروا وراءه بقلب و جسم طاهرين أنــــــــي ذاهــــــــــب ،
و أي معـــني للســــــــــــــير وراءه إذ لــــــــم نقتـد بـــــه :
تحمّل المسيح عنــــــــــــــا الكـــثير واضعاً لنا مثالاً يحتذي .
إن كل من سار خلــف المســــــــيح اقتـــــــــدي بــــــــــــه
لا من حيث هو ابن الله الوحيــــــــد الذي به كون كل شيء ،
بل من حيث هو ابن الإنســـــــــــان الذي أظهر في ذاتـــه
ما يجب أن نقتدي به .
إلي ما هنالك مــــــن أمــــــــور وضعت قدوةً و مثالاً للجميع
مع العلم أن عفـــــة الجســـــد ليســـــت من نصيب الكـــــــل
لأن مــــــن ليســــوا إعفــــــاء لا يملكون ما يجعلهم إعفاء على المؤمنين
الذين فقدوا طهـــارة الجســــد أن يتبعوا الحمل حيث يمكنهم أن يذهبوا لا إلي حيث يذهب .
بوسعهم أن يتبعوه إلي كل مكان إلاَّ متى سار نحو سني العفة الكاملة .
طــــــــوبي لفقراء الـــــــروح الذين اقتدوا به غنياً ،
وهو الذي صـــــار فقـــيراً لأجلكـــــــم .
طــــــــوبي للودعــــــاء الـــــذين اقتـــــدوا بالقــائل :
تعلموا منى أني وديع ومتواضع القلب .
طــــــــوبي للباكــــــين الــذين اقتــــــدوا بالقـــــــائل :
طعامي هو أن أعمل مشيئة من أرسلني .
طــــــــوبي للرحماء الذين اقتدوا بمن جاء يداوي الإنسان ،
الــــــذي جرحـه اللصــوص و طرحــوه أرضاً ،
يائســـاً بين حي و ميت .
طــــــــوبي للأطهـــار القـــلوب الـــــــذين اقتـــــدوا به ،
و هو الـــــــــــــذي لم يصنع قط خطيئــــة ،
و لا عرف الغـش إلي فيــــــــه ســــــبيلاً .
طــــــــوبي لصانعي السلامة الذين اقتدوا بمن قال لصـــــاليبه :
يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يصنعـــــــــون .
طــــــــوبي للمضطهدين على البر الذين اقتدوا بمن تألم لأجلكم ،
تاركاً لكــــــــــــــــــــم مثـالاً تنسجون على منـــواله .
إن الـــــذين ينهجـــــون ذلك النهـــج يتبعــــون الحمــــل مقتفــين آثــاره .
و من الأكيد بأن الزوجين لا يستطيعان أن ينسجا على منـــواله ،
و برغــــــــــــــــــــم ذلك يستطيعان أن يتقدما في الطـريق عينه .
إن الحمــــل يسير في طــريق طاهر ؛
فكيــــــــف يستطيع أن يمشي وراءه من فقدوا ذلك الخير الذي لا يستردّ ؟
فيما عذاراه ســـرن خلفه ،
اذهبن طالما أنكن تقــــدرن على الســـــير وراءه حيثمـــــــا يذهــــب ،
بفضل تلك النعمة الفريدة .
يسعنا أن نحث الأزواج على الســـير وراءه في كل طـــريق قداسة ،
ما عدا الطريق الذي ضيّـــــــــــــعوه و ما اســـــــــتردوه .
أتبعنــه حـــتى تفــــــين بوعود قطعتنها ، بحماس ، على نفوسكن .
إسعين جهدكن لئلا تخسرون العفة ،
هذه النعمـــة ، التي لن يستطيع أحد أن يردهـــــا إليكن متى فقدتنهــــــــــــــا ،
ثــــــــــــم أن المؤمــــنين الكثـيرين الذين يقصــــرون ، للســـــــــبب عينــــــه .
عن اللحــــــاق بالحمل ، أني يذهب ، يرونكـــــن و لا يحســدونكن ،
بل يفرحون معكــــــن إذ يكون لهم فيكنَّ ما ليس لهم في نفوســهم .
و لن يسعهم إن ينشـــــــــدوا النشـــــــيد الجـــديد ،
تــــــــــــــلك النعمة الخاصة بكنَّ إنما سيســـمعونه ،
و يسيرون بقوة تلك النعمة التي لكـــــــــــــــــــــن .
و أنتم يا من تنشدون و تسمعون ، في أن واحد ، سوف تفرحون فرحاً كبيراً ،
و تملكــــون مطمئنين دون أن يحــزن فرحكم من سوف يفوتهـــم ؛
لأن الحمل الـــذي تتبعـــــــــــونه ، في كل مكــــان ،
لن يتخلى عمّن لا يســــــتطيعون أن يتبعوه مثلكم .
كلامنــــــا هو عن الحمل القــــــــدير:
أمامكم يسير و قريباً منهــــــــم يسير ؛ لأن الله هو كل في الكل ،
و الـــــــذين يملكون أقل من غيرهم لن يضمــــروا بغضــاً لكم ؛
لأنه حــــيث ينتُـــــــــــقي الحســـــدُ فالتباين لا يمنع الوحـــــدة .
اعتمدوا على هذه الحقائق :
ثقوا و تقـــــــــوّوا و حافظوا على عهد العفة إلي الأبد الذي قطعتموه تجاه إلهكم ،