الكتاب الثالث
في طبيعة الشريعة والنعمة
أحبني ، يـــــا رب ، لئلا يقتـــــــــــلني الخـــــــوف ،
و هبني أن أريــــد إنما لا يكفيــــــــني أن أريـــــد ؛
ساعدني على أن أريـد إرادة كاملة و أتم ما أري .
ما أنا اخـترتك ، بـــــل أنــــت اخــــــــــــــترتني ،
ويا لهــــــــــا مـــــن نعمــــــة تفـــــوق الوصف ؛
منْ كنتُ أنـــا قبـــل أن يقــــع اختيــــاري عليك ؟
لم أكن أحبك . من كنت إذاً ؟ كنت خاطئاً وهالكاً .
وأي خير أتيت حتى استحققت هذه النعمة ؟
وما هي الأعمـــــال الصـــــالحة الســـــالفة الـــــتي صنعتها حتى منحتني نعمتـك ؟
وهــــل وجدت فيَّ فضائل جديرة بالتكـريم . بدلاً من خطايا تســـتوجب المغفــــرة ؟
أكيد إنك لو شئت ملاحقة الآثام التي غفرتها لما ظلمتنـي .
أو ليــــس العـــــدل كل العـــــدل في معاقبــــة الخـــاطئ ؟
ومـــــع أن معاقبـــــة الخـــــاطئ عــــــــدل ،
فلا يليــق برحمتـك أن تعاقبــني ،
بلْ تـــبّررني ،
وتصـــــيرّ الخـــــاطئ بــــــبينتــــاراً ،
والكــــــافر مؤمنــــــاً .
لــــــــولا تنبيـــــــــــــــــــه من رحمتـــــــــــك ،
لمـــــــا فاضت بالتســـبيح لك شـــــــــــــفتاي ،
أحمـــدك على ما أعطيتني وأســبحّ رحمتــــك ،
وأباركك مــــــدي الحيـــاة وباسمك ارفع يدي .
والفضـــــل في ذلك ليـس لي ،
ولا لحياتي التي تباركتَ فيهــا ،
بل لرحمتــــــــك عــــــــــــلىّ .
باســــــمك أرفع يـــــــدي ،
و بالصـــــلاة أرفعهمـــــــــا .
أيها الرب إلهي لقد رفعت يديك على الصليب وبسطتهمــــا من أجــــــــــــلي .
أجـــــــــــــل ، بســـــطتَ يديك على الصليب لأبســــط يدي إلي عمل الخـير .
لأن صليبك حمل إليّ الرحمة :
لقد رفعــــت يديك وقرّبتَ ذاتك عني إلي اللـــــــه ،
ذبيحة تمحــــــــــــــــــو كل خطـاياي .
أجعلني أرفعْ يـــــــــــــــــــــــــديّ أنا أيضـــاً إليـــك في صـــلاة ؛
ولــــن تخيــــــــــــب صـــــــلاتي إذا تمرستُ بالأعمال الصالحة ،
ردّ أعمالي الصالحة إلي ذهني حين أرفـــــــع إليــك يـــــــديّ ،
لئـــلا أنســـــــبها إليّ بـــــــــل إلي رحمتــــــــــــــــــــــــــــــك .
لا لي يـــا ربّ ، لا لــي ، بل لإســــــمك أعـــــط المجــد .
أحبنَّي باســـــمك وببــرك ،
وليـــــس ببري واســــتحقاقاتي ،
بــــــــل بعطفـــــك عـــــــــــــلىّ .
لــــــو بيّنت لك فضلي ، لما كان لي منك ســوي العقـــاب ،
يا من اقتلعـــــــت مني عيـــوبي وغرســـتَ فيَّ عطـاياك .
ــــــــــــــــــــــــــ
|