الفصل الخامس عشر
في ضرورة تناول الإفخارستيا عن جدارة
أصغ إلي صوت ربك :
( أنا هو خــــــــبز الحيـــــــــاة
آباؤكم أكلوا المن في البرية و مــــــــــاتوا ،
هذا هو الخـــبز النـــــــــازل من الســـماء ،
لكي يأكل منه الإنســــــــــان و لا يمــوت .
أنا هــــــــو الخــــبز الحــي الذي نزل من السماء ،
إن أكل احـد من هذا الخـــــبز يحيــــــا إلى الأبـد ،
و الخــــبز الذي أنا أعــــطي هـــــــو جســـــدي
الذي ابذله من اجـــــــــــــــل حيـــاة العـــــــالم .
فخاصــــم اليهـــــــــــــــــود بعضهـــم بعضاً قائــــلين :
كيـــــــــف يقــدر هـــــــــذا أن يعطينا جســده لنأكـــل ؟
فقال لهم يسوع : الحـــــق الحــق أقــــــــول لكــم :
إن لم تأكلــــــوا جسد ابن الإنسان و تشربوا دمه ،
فليس لكـــــــــم حيـــاة فيكــــــم .
من يـــــأكل جســـــــدي و يشـــــــرب دمــــــــــي ،
فلــــــــــــه حياة أبدية و أنا أقيمه في اليوم الأخير .
لان جسدي مأكل حق و دمي مشــــــرب حـــــــق .
( من يأكل جســـــدي و يشــــــــــــــرب دمي يثبــــــــــــت في و أنا فيـــــــــــه .
كما أرسلني الآب الحي و أنا حـــــــــي بالأب فمــــن يأكلني فهــــــو يحيــــا بي .
هذا هـــــــو الخـــــــبز الذي نزل من السماء ليس كما أكل إباؤكم المن و ماتوا
من يأكل هذا الخــــبز فانه يحيا إلى الأبــد )
" يو48:6/59 " .
المسيح هو الخبز الذي نـــزل من الســـــماء ،
لكنه الخبز الــذي يحــــــيي ولا ينفـــــــــــذ ،
إنه الخبز الــذي يقبـــــل دون أن يسـتهلك ،
المن عينه كـــان لهذا الخبز رمزاً ولهذا قيل :
( خــــبز السماء أعطـــــــاهم
وخـــبز الملائكة أكل الإنسان ) " مزمور 77/24 ".
المسيح خبز الســـماء :
صار رب الملائكة إنساناً لكي يـــــأكل الإنســــان خـــبز الملائكـــــة :
لو لم يبصـــر إنســـــــاناً لما حصلت على جسده وأكلت خبز المذبح .
أسرع إلي المـــــــيراث الذي به نــــــلت عربــــــــــــوناً عظيمـــــــــاً ،
وأطلب حياة المســـيح لأن موت المسيح عربـــــــــــــون بيــــــــــدك .
من يـأكل ذاك الطعــــــــام ،
و يتناول ذاك الشــــــراب ، يثبت في المسيح ،
و مــــن يثبت في المسيح ، يحصل عـــــــليه .
إن لم تثبــــت في المســـــــــيح ؛ و لم تـأكل روحياً جســــده ،
و تشرب دمــــــــــــــــــــه ،
تضع سر جســــــــده و دمـــــه ، بشـــــــكل منظــــــــــــــور ،
و مـــادي تحــت أســــنانك ،
و لكنك تأكــــــــــل و تشــــرب ذلك السر العظيــم لدينونتــــك ،
لأنـــك تجسر أن تتنـــــــــــاول أسرار المسيح وأنت غير نقي .
إن شئت ألاّ تأكل و تشرب لدينونتك ،
فعــــش حيـــــاة صـــالحة .
لا تحــث الآخـرين بالكـــــــــــــــلام ،
بـــــــل بالمسيرة على اقتفاء أثرك ،
لئــــــلا يهلكـــوا إذا حذوا حــذوك .
إن كنت متزوجــــــــــاً فكـن وفياً لزوجتك ، و أعطهــــا حقهـــا .
أما إن نذرت نفسَك لله فاضبــط جســـدك ، و أكبح شــــــهوته ،
ولا تســــــتســـلم إلي كل ما يجـــــــــــــوز أن تعمــــــــــــــــله ؛
بــل عليــــــك أن تعرض عن المنكـــــــر و ترذل ما هو مقبول .
أذكر أنــــــــــــــه يجب عليك أن تحيا على الأرض حياة ملائكية :
فالملائكـــــــــــــة لا يتزوجــــــــــــون ولا يتخـذون لهم زوجـات :
تلك حالك في القيامة .
كم يحسن بك أن تكــــــــــون ، اليوم في حيــــاتك ،
ما ســـــــوف يصيرُ إليه الناس بعد القيامــــــــــة .
حافــــــــــظ على مقامـــــــــك تحُفظ لك كرامتــــك .
قيامة الموتى شـــــــــــــبيهة بالكواكب في السماء :
كما أن كلَّ كوكب يختلف شرفاً عن أخيــه ،
هكــــذا هـــــــي قيــــــــامة الأمـــــــــوات ،
هنــــــا يضيء التبتـــــــــــــــل بشـــــــكل ،
وهناك العفة الزوجية بشكل آخـــــر .
و هنالك قداسة الترّمل ،
و كـــل يضيء بشكل يختلف عن ســـواه ،
و لكنهـــــــا جميعـــــــاً في الســـــــــــماء :
الســـــــماء واحده للكل أما النور فمختلف .
وبينمــــــا أنت تفكــــــر بمرتبتك حافظاً عهدك ،
أقبــــلْ إلي جسد الرب و هـــــلمّ إلــــي دمــــه .
لا تقــترب مـــــن جسد الرب ،
إن عرفت نفسك غـــير أمين .
ما أكثر الذين يقتربون من الهيكل ،
و لكنهم يموتون و هم يتناولـــون .
لم يكن جسد الرب سمُاً ليهوذا و مع ذلك فقد تناوله و لما تناوله دخل فيــــه العـــــدو .
لا لأنه تنــــاول شــــــــــــــراً ، بل لأنه شـــــــــرير و قد تنـــاول الخـير بروح شـرير .
أنتبــــه ، وكُل الخبز السماويَ روحيـــــــاً ؛ وأحمـل إلي الهيكل بـرارتك .
و برغم أن خطــــاياك يوميـــة فأحـــذر من أن تحمل لك معها المــوت .
وقبل أن تدنو من المذبح أنتبه لما تقـــــول :
( أغفر لنا ذنوبنــــــــــا كما نحن نغفر لمـــــــن خـــــطئ إلينــــا )
( متى 6/12 ) .
إن غفرت غفر لك :
تقدم باطمئنان ، إنه خبز وليس سماً ، لكن أنتبه إن كنت قد غفرت ،
و إن لم تغــــفر تكن كــــــــــــــــذاباً و تغش من لا يمكنك أن تغشه .
يمكنــــــــــــك أن تكـذب عـــلى الله
إنما لا يسعك أن تغـــــــــــــش الله .
هو عالم بما تعمل : من الداخل يراك و يســـــتقصي بواطنـــــــــــــــك ،
يري قلبــــــــك و يحكم عليه بالشجب أو بالمكافأة .
أقترب من المسيح بفرح :
إن ذهبت إليه متواضعــــــــاً فلـــــــن يطــــــــرحك خـــــــــــــــارجاً .
لقــــــــــــــد نزل من السماء لا ليعمل مشــيئته بل مشــيئة من أرسله .
متواضـــــــــعـاً ، جـــــــــــــاء ، لكي يعـــلم التواضــع ،
إن ذهـــــبت إليه عمـــــلت معه جسداً واحداً متواضعاً .
و إن اتحـدت به صـــــــــــــــرت متواضـــــــــــــــــعــاً ،
إذ إنــــــــــــــك لا تعمل مشيئتك بل مشـــــــــــــيئة الله .
و لذلك لــــــن تطـــــرح خــــــارجاً .
لو كنت متكبراً لكانوا ألقوك خارجاً .
إن استكبرت ، ابتعـــــــدت عن هذا الخبز السماوي ؛
وما عاد يمكنك أن تجــوع إليــــــــه .
المتكـــــــبر ، مريض بقلبه ،
وأصـــمَّ بأذنيه ، مع أنهما مفتوحتان ،
و أعمي بعينيـة ، مع انه يري بهمــا .
هـــــــــــــو لا يعـرف الخبز الســـماوي ،
ولا يشعر بجوع إلي بـر الله ،
لأنـــــــــــه يشـــــبع من بر نفســــــــه .
المتواضع لا يغــتر بقــــــــــــــــــواه ،
لذلــــــــك تعضــده النعمـــــــــــــــــة ،
و تفيض المحبـــة في قلبه ،
بواسطة الـــروح القــدس :
مؤمــن هو وجائع فليأكـل .
إن المولود بشــــكل غير منظــور ،
ينمــــــــو بشــــكل غير منظـــور ،
وله ولــــد يتجــــدد باطنيــــــــــاً ،
و يشـبع باطنيــــــــــــاً .
للمتواضع في باطنه ما ليــس للمتكـــبر ؛
فلا يحزن ولا ينهك ولا يخطأ .
ذهــــبُ المتكبر في صندوقه ،
واللــه في قلب المتواضــع :
قارن بين الذهب والله بين الصندوق :
للأول ما يفنــــــــــي و يفنيـــــــــــه .
و للثاني الله ، الذي يبقي إلي الأبد .
كلُ أيها الآكل و اشرب أيها الشارب ،
جع وأعطش : كلُ الحيـــــــاة و أشرب الحيــــــــــاة .
إن أكــــــــــله الحيــــــــاة ،
إنما أكــــــله لا يفنيـــــــه ،
بل يحــــــيي مــن يــأكله .
و ما شربه سوي الحيـاة .
كل الحياة و أشرب الحياة ،
14 ـ المسيح هو طبيبنا
|