الفصل التاسع
الطاعة ، التي اعنيهــا هنـا، هي الخضـــــوع للوصـــــــــــايا .
الطاعة ، في الخليقة العاقلة هي أم الفضــــائل و حــارس لها .
و كل من قارن بين الطاعة و العفة ،
وجـــــــــد الطاعة خيراً من العفة .
ما حرمتّ الكتب المقدسة الزواج قــــط ، و لكنهــــا شــــجبت العصيــــــــان ؛
لـــــــذلك تقوم الطـــــاعة بلا تبتــــــــل ، لأن التبتل مشورة و ليـس وصية ،
أما إن وجدت الطاعة للوصية بلا تبتل ، فلا وجـــــــود لهـــــا بلا عفـــــــة :
العفــــة تحــــــرم الدعــارة و الزنـــــــــــــــــي ،
فكل من خالف و صـــايا الله و خرج عن فضيلة .
و بخـــــلاف ذلك فـــــإن :
التبتل يقوم بلا طـــــاعة : تتمكـــن امـــــــــــــرأة رضيت بالتبتل مشـورة ،
و حافظت على بكارتها ، من أن تهمل الوصــايا ،
كما فعلت عذارى كثيرات عرفـــــن بثرثرتهــــن ، و فضــــــــــــــــولهن ،
و إدمانهن على الخمــر ، و بخلهن و كبريائهـن .
و هذه كلها نقائص تضــاد الوصــايا و تقتلهـــا ،
كما جــري لحواء بالذات يوم عصت أمر الـرب .
و لــــذلك علينــــا أن نؤثر منَ أطاعَ على من عصا ،
بـــــــــل الزوج المطواع على العذراء غير المطواع .
لا شــــــيء كالطاعة يليق بالنفــــــس البشــــــــــــرية :
إن أطـــــاع الخادم معلمه و الابن أباه و المرأة زوجها .
فأحـــــــــــر بالإنســــــــان أن يطيــــــــــع اللـــــــــــه .
لقد كــــــان من الواجــــب عـــلى الإنســـــــــــان الخـــــــاضع لله ،
أن يكـــــون أدني منــــــــه لتكون الطاعة فضيلة تقّربه من معلمه .
يسعني أن أقول في تلك الفضيلة :
إنها الفضيلة الوحيــــــــدة الصالحة لخليقة عاقلة تعمل تحت أمرة الله ،
كمـــــــا و ان أولي الرذائل و شرها هي أن تطيع ولا يســـعها إلا أن :
تستخدم تلك الرذيلة لهلاكهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا .
قد لا يكون للإنسان سبيل إلي التفكير بالرب ،
ما لم يكن مأمـوراً بــــــــــــــــــــــــــــــــذلك .
و قد لا يكون بوســـــعه أن يظهر بوضوح أفضل ، أن المعصية شر كبير ،
ما لم يخطـــأ ضـــد الله بفعــل يجــره إلي الإثــــم ، لـولا تحـــريم الله له .
و لمـــاذا تحـــرم عليـــه أن يمــــسّ ما ليـــس مؤذيـــاً ،
ثـــــــــــم يمنعه عن آخر لو رغبته في إظهار الطاعة ،
خــــــيراً والمعصــــية شـــراً .
و بالتالي فالإنسان الخاضــــع للناموس ،
يســــمع من الرب الإله الكلمة التاليــــة :
( لا تمــــــــسّ ) مــــاذا ؟
هذه الشـــــــجرة و ما هي هذه الشـــــــــجرة ؟
إن كانت خــــيراً فلــــــــم ، لا أمســــــــــــها ؟
و إن شــــــــراً ، فلـــــــم هي في الفــردوس ؟
وجودهـــا في الفـــــــردوس خير لكنني لا اســـمح لك بأن تمســــــــها .
ولـــــــــمَ لا يجوز لي أن أمسها ؟ لأني أريد أن تطيــع وألاّ تخالف قولي .
أطعْ أيها الخـــادم ، و لا تكــــــن شـــــريراً .
أطعْ أوامر المعلم ، لكي تتعلم منه المشورة .
إن الشــجرة صــــالحة ؛
و لكني لا أريد أن يمســها .
لمـــاذا ؟
لأنــــــي أنا الســـــــــيد و أنت العبـــــــــــــــــــــــــــــد ،
و هــــذا هو السبب كله إن كان الســبب تافهـــاً جــــداً ،
فهــــــل تأنــــــف مــن أن تكـــــــــون عبـــــــــــــــداً ؟
و هـــل يليـــق بــــــــك إلاّ أن تكـون تحت أمـرة الرب ؟
و كيف تكون خاضعاً له إن لم تكن عاملاً بوصيتـــه ؟
إن الله يظهر ما للطـاعة من قيمــــــــــــــة حين يبعد الإنسـان عمّا ليس شـر :
هنـــا الطاعة وحــــدها تحمل غار النصر و المعصية وحدها تلـــــقي العقــاب .
هذا خير إنما لا أريد أن تمسه : ماذا ينقصـــــــــك ؟
لا أريــد أن تمســـــــــــــــــــه ولا أن تأكــــــل منه .
أنه خــير لك الطـــــــــــــــاعة خـــــــــــــــير منــــــــــــه .
و هــــــــــــل الشجرة شريرة إلي حد تميتك إذا مسستها ؟
صــيرتك المعصيــــــــــة خاضعاً للمـــوت ،
لأنــــــــك مسســــــــــــــت ما هو حـــــــرام :
و مـــاذا كان ينقصـــــــــك حتى مسستها ؟
شـــئت أن تستعمل قدرتك فاغتبطت بتجاوزك الوصية ؛
و شئت أن تكــــون كالله خارجــــاً عن كــــل ســـــــطة ،
لأن لا ســـــــلطان عـــــلى الله .
أيها الـــــــدوار المغرور الشرير ،
ســـــــــتموت موتـــــــــــــــــــاً ،
إن ابتعــــدت عن طريق الـــبر .
خرقــــت الوصيــــة و كسرت النظام بحماستك .
أين هي الـــــروادع التي كانت تقــــــــــــــودك ؟
إن أردت أن تكون حكيمــاًَ فأحفــــــظ الوصـــــــــايا ،
و تأمل بما أمـــرك الله به .
إلـــــــــزم الطـــــــــــــاعة بلوغـــــــاً إلي الحكمـــة ،
و إذا نلتهـا فأبق مطيعـــــاً .
أحفــــظ وصيــــة أبيــــك حفظـك لوصية الرب إلهك .
إن لم يأمـــرك الرب بما يأمرك به أبــوك ،
فإنـه يوصي البنين بالطــــاعة لوالديهم .
إن أمــــــرك أبوك بمــــا يضــــــادّ، شــــــريعة الله ،
فــــــــــــــــــــــلا تطعـــــــــــــــه .
و لكن متى أمرك بمــــا لا يضــــاد اللــــــــــــــــــه ،
فأطعـــــــــــــــه كما تُطيـــــع الله ،
الذي أمــــــــرنا بالطاعة لوالدينا .
إن التعليم الرسولي يحـــــــــض العبد لسيده مختاراً ،
لا قســــــــراً ، ليجعل باطنه حراً .
إذا حضك النظام عينه بهذا الشكل فلمَ يجـــب عليــــــك أن :
تخضـــع بإرادة تامة وحـــرة لله الذي يري إرادتك بالذات .
و هل من ظلم أشد من أن : يفرض إنسان الطاعة على مرؤوسيه ،
ثــم يــــــــــأبى الخضــوع لرؤســـــائه ؟
لا تبحث عن بــــــــراعة منَ يتكلمــون ،
بـــــــــل أخضع لسلطان من يــــــــأمر .
يحســـــن بالمــــرؤوس أن يطيـــــــــــــع رئيســــــــــه ،
لكـــــــــي يخضع هــذا الأخير بدوره لمن هو أعلي منه .
تعلّم نظام الأشياء : عليـــــــــــــــــــــــــك أن تخضع لإلهـــــــــــــــــــــــــــك .
و على نزواتك الجسدية أن تخضع لعقــــــــــــــــــــــــــــلك ،
تخضع لمن هو أعلي منــــــك ،
وعلى من هو دونك أن ،
يخضع لـــــــــــــــــــــــــــــــك .
كن خادمــــاً لخالقـــــــــك فيكــون خــادماً لك من قد خــلق لأجـلك .
أما إن أبيت أن تطيع الله فلا يسـعك أن تأمــر جسدك بالطــاعة لك .
يا من لا تطيع ربَّه سوف يقهرك خادمك .
صلاة واحدة يرفعهــــــا إنســــان مطيع تحظى قبولاً لـدي الله .
أكثر مــــــن عشــرة آلاف صلاة ، يتلوهـــــا إنســــان متمرد .