الفصل الثاني عشر
إنا لنجــــد رعـــاة يريـــــــدون التمتع بلقب رعــــــــاة و يأبون القيام بما يمليه عليهم من واجبات
فيجلسون على عروش الرعاة متمتعين بأمجاد زمنية و إنعامات زمنية و انعامــــــات عالميـــــــة .
لو كانوا على هــــذه الحــــــال في أيام الرسل لقال فيهم الرسول متنهداً
( في خطر أنا من الأخوة الكذبة ) " 2كور11/26" .
و لما طــــردهم بل تحملَّهم بصبر .
لابــد مــــن أن يكــــون لهم أمثــــــال في أيامنا هذه التي تقترب من نهايتها
والتي قال الرب عنها بصراحــــة : ( متى كثر الإثم جفّت محبة الكــــثيرين ) "متى24/12 " .
من الضـــروري أن تستمر هذه السلالة من الرعاة حتى نهاية العالم و حــتى دينونة الرب .
و لهذا أهيب بك إلــــي أن لا تقلــــــــق لهذه الشــــــكوك التي تنبـــأت لـــك عنهــــــــــــــا
حــــــتى إذا حدثـــــــت تذكر أنــي أخـــبرتك عنهــــــا فـــلا تضطـــــــرب .
و أول لـــــــــوم توجهه الكتبُ المقدسةُ إلي أولئـــك الرعــاة هو إنهم يغذّون نفوسهم ولا يفكرون بنعاجهم .
اسمع كلمة الله للرعاة الذين يغذون نفوسهم ولا يغذون خرافهــــم :
( الويل لرعاة إسرائيل الذين يرعون نفوسهم فيأكلون و يلبسون الصوف و يذبحون خرافي الســـــــمينة
و لا يرعون قطيعي الضعيفة لم تقوّوها و المريضة لم تداووها و المكسورة لـــــــــم تجـــــــــــــــــــبروها
و الشــــــــــاردة لم ترودها و المفقودة لم تتطلبوها فأضحــــت خرافـــي مشتته من غير راع )
(حز2/34-5).
أما الأجير فيقــــــــــــول فــــي نفسه : ما لي ولها ؟
( فليعمــــــل كل منها ما طاب له حسبي أن عيشي مضمون و كرامتي موفورة ،
و ليذهـــب كل واحــــد أنــــي يشـــــاء .
يا لك من راع مهمل لوجباته : إن كان هــــــــــذا هــو كلامك جمعــــت عــــدداً أكـــبر من النـــاس :
أما إن إفترضنا أناساً يدركون خطـــــأك الكــــلامي فإنك بذلك تسيء إلي القلة و تسترضي الكـــثرة ؛
إذ ذاك لســــت تنطق بكلام الله ولا بكلام المسيح بل بالــذي لك ولا تكون راعياً يرعى خرافه بل نفسه .
إن تركـــــــت النعاج المريضة و الضعيفة و الشاردة و شأنها فهذا شيء بسيط
و لكنــــــــــك ذبحت القــــوية منهـــــــــــا ما اســـــــتطعت إلـــــي ذلك ســــبيلاً .
هي تعيــــش من رحمــــــــــة الـــــــــــله و أنت تعمل ما بوسعك لكي تهلكهــــا .
حياتك الشــــريرة و مثلك العاطل مــــــــــــــوت لهـــــــــــــــــــــــــا ؛
لأن القويـة عينها تنـــــــظر إليك يا من تحيــــا حيــــــــاة شـــــريرة .
إن مالت بنظرها عن سنن الرب واتجهت إليك بدأت تقول في قلبها :
إن كانت هذه هي ســــيرة رئيسي فــــــلمَ لا أحـــــــذو حــــــــذوه ؟
لقد قتلت القوية :
إن قتلت فمــــــاذا تفعـــل بغيرهـــــا يا مــن لــم تقوّ الضعيفة
بل قتلت بسيرتك الرديئة النعجة القويـــــــة التي وجدتهـــــــا ؟
أني أٌقول لك وأكرر:
إن عشـــــت حياة سوء أمام الشــــــــــــــــــــــعب
عملـــــــت ما بوسعك على إهلاك من ينظر إليك .
لا تنخدع : هو لم يمت ؛ أما أنت فبلى .
من اقتــــدي بك يمـــــــــــــــوت ؛
و من لا يقتدي بك يحيـــــــــــــــــا ؛
و أنت تعمل ما بوسعك على قتلهما .
لســـــت أدري أيهما يخطأ خطأ جسيماً يلام عليه :
المتهم يعاديك و يكيــد لك و يؤذيك متى استطاع .
أما أنت فخوفاً من أن تخسر صداقة إنسان و تتعرض لمشاكل عداوته
تلـــــــــزم الصــــــــــــــــــــــــــمت و تمتنــع عن إصـــــلاحه .
الذئــب يقبـــض على النعجة بعنف و أنت تلزم الصمت و لا توبّخ :
يا أجير ، رأيـــــــــت الذئـــــــــــب آتيــــاً فهــــــــــــــــــــــــــربت .
هربت لأنك لزمت الصمت ؛ و لزمت الصمت لأنك خفت ؛
و هربُ النفــــس خــــــوف .
لقــــد مكثت حاضراً بالجسم و هربت بالـــــــــــــــــروح .
عواطفنا هي حركات نفوسنا : بالفــــرح تســـتريح النفـــــس وبالحــــــزن تتقلـــــــــــــــــــــص .
بالشــهوة تميل إلي ما تريــــد وبالخـــــوف تتراجــــع عنــــــه .
إذا فرحت استراحت نفســك ؛ وإذا اكتـــأبت انكمشت على ذاتها ،
إذا رغبـــت في شــيء اندفـــــعت إلي الأمـــــــــام ؛ وإذا خــــفت منــــه هــــــــــربت .
ولذلك قيل : الأجير يهرب متى رأي الذئــــب .
يهرب الأجير فيأتي الذئب و يفتك بالنعاج و يشتتها .
إن طــــلبت مــــــــا لك دون ما للمســـــــيح ؛ فلـــيس حبك للمســيح بالمجــــــــانّ ؛
وإن لم تطلب الله حباً به طلبت خيور هذا للعالم ومكاسبه ومجده البشري فأنت أجـــير.
إن طـــــــلبت هذه الأشياء وعبدت الله ، حباً بها ، فــــلا يحصيك الله بين بنيــــــــة :
الحق أقــــــول لك لقد نلت أجرك .
أما إن بشرت بالمسيح ، و لو طلبت ما لــــــلأرض ، وسمع صوت المسيح بواســــــــطتك ،
فإن النعاج لا تتبع الأجير بل تسمع صوت الراعي بواسطة الأجير .
أسـتمع كيف أن الـــرب يصـــف لــــك الأجــــــــير :
( على كرســــي موسى جلس الكتبة و الفريسيون
فاسمعوا أقوالهم و لا تعمــــلوا أعمــــالهم ).
على كرسي موســــى جلست تعلم شريعة الله ؛ فاللـــه يعلم بواسطتك .
و كل ما تعمله من شر فــــلا تعمله عــــــــلى كرســـي موســـــــــــى
ولهذا فأنت تــــــؤذي بشــــــــــر تأتيــــــــه ، لا بخــير تقــــــــــــوله .
يا نعجة المسيح اقضمي ورقة العليق واحــــــذري الشــــــــــــوك .
غالباً ما يتدلَّى . ورق الكرمـــــــــــة على السـياج فتنمو الأغصـان
وتختلط بالأشـــواك التي تحمـــل ثمراً ليس لها .
الكرمـــــــــــــة لم تعط شـــــــــــوكاً
إنما الأشــــــــــواك احتجـــــزت غصناً منهــــا .
أبحــــــــث عن أصل الشوك تجده خارج الكرمة
وأبحـــــث عن أصل العنقود تجده في الكرمــــة :
تعليم المسيح كرمـــــــــــة والشوك أخــــــلاقك .
تعليم المسيح على اللسان ؛ و الغصــــــــــن فــــــــــــــوق الســـياج و الثمرة مدلاّة بين الأشــــــــواك .
فيا نعجة المسيح اقطفي الثمرة بفطنة لئلا تخدّشي يدك في البحث عنهــــــا
ومــــــــــــــــــتى سمعت الكلام الصـــالح فــــــــلا تقتدي بالأعمال الشريرة .
أســــــــــــمعي أقوالــــــــهم و اقطفي العـــــــــــنب ؛
و لا تعمــــــلي أعمــــــــالهم و احذري الأشـــــــواك
ولا يكـن همك في ما يبتغيه الواعظ من وعظــــــــــه ؛
ولكن احفظي ما يعظـــك به لأن الذي يتوخاه ليس من شــــأنك .
أســـــــــمعي من فمـــــــه كلمة الخلاص ولا تكوني لقلبه دياناً .
إن رأيتـــــــه يبحث عن شيء أخر فمـــــــا شــــــــــــــــــــأنك ؟
أصغ إلـــــــي ما هو صالح فيـــــه ولا تقتدي بأخلاقه الشريرة .
إن كــان كــــــــــــــــلام اللـــــــــه على شفاه الكثيرين دون قلوبهم
فاطمئني بالاً لأنه إن قال راعيـــك و لم يعمل فذاك مفيد لك من دونه .
ما أعظم سعادة قطيع الله : سواء أنــــام الراعــــي أم لم ينــــــــــــــــم فالله ســــــــــــــــــــــــــــــــهران .
إن كان القطيع يأمن في حراســة إنسان فأحرى به أن يأمن في حراسة الله الذي خلقك وهو الآن يقوتك .
11 ـ في الـــــــــــرعاة
|