الفصل الثاني عشر
في أعمال التوبة
ربّ ، ســــاعدني أيهــــا الرحيــــــــــم ،
أني أرجو التغلب بالصوم والصلاة على :
العالـــــــــــــــــــــــم و تجــــــــــــــاربه ،
والشـــــــــــــــيطان و مكايــــــــــــــــدة ،
والبـــــــــــــــــــشر و نشــــــــــــاطهم ،
والجســـــــــــــــــد ومغريـــــــــــــــاته ،
والأزمنـــــــــــــــة وإضطـــــــــراباتها ،
وعلى سائر :
الضيقات الجسدية والروحيــــــــــــة.
نشـــــــطّ عقــــــلي بالصــــــوم ،
وذكـــــــــــــــــــرني من جديــد بالخلاص ،
الـــذي وفــــــــــرته لي رحمـــةً بــــــي ،
في صومك وصلاتك من اجـــــــــــــــلي .
وهل من رحمــــــــــــــــــــــــة ؟
أعظم من تلك التي أظهرتها لي .
أنا المسكين ، حين :
نزلت من السماء يا خـــــــــــــالق الســـــماء ،
وجعـــــــــــــــــت يا خــبزاً سماوياً حــــــــــقاً ،
وعطشــــــــــــت يا مــــــــــروى العطـــــاش ،
وضعفـــــــــــت أيها القــــــــــــــــــــــــــــوة ،
وجرحـــــــــــت أيها الكمال ومتَّ أيها الحياة .
وهل أعجب من رحمة تُقنعُ :
الخــــــــــــــــــــــالق بأن يــولدَ ،
والســــــــــــــــــــــيد بأن يخدم ،
والفــــــــــــــــــــادي بأن يبـاع ،
والــــــــــــــــــــرافع بأن يهُـان ،
والباعث من الموت بأن يقتَل ؟
لقــــد تصدَّقــــت علىّ يـــــوم أمرتنـــــــــــــي ، بأن أعطي الجائع خــبزاً ،
يا من سبقت فسلمت نفسك عني إلي جلاديـك ، إشـــــــــباعاً لجــــــوعي .
أمرتني بقرى المسافر وجئتَ إلي بيتك حباً بي ، فلم تقبــــلك خاصتــــــك .
باركتك نفسي ،
يا من تغفر ، جميـع الـــــــزلات ،
وتشــــــفي ، ســائر الأمــراض ،
تفــــــــدي ، حيــاتي من الفسـاد ،
وتكللهــــا ، برأفــة منك ورحمة ،
وتشــــبع ، جوعي من خيراتك .
علىّ أن أصوم وأسحق نفسي حين أراك :
يا مــــــــن علّمت التواضع وإنسحقت ، وأطعــــت حتى مـــــوت الصـــــــــــــــــليب ،
وعـــلىَّ أن أقتـــــــــــدي بصليبــــــك ، مسمراً بمسامير العفة شــهواتي المروَّضــة .
وعــــلىَّ أن أعاقب جسدي واســـتعبده ، لئلا أنقاد في ركاب لحم طاغ إلي المحرمات .
وعـــلىَّ أن أروضـــــــــــــــــــــــــــــه ، فأحــــــــرمه بعــــــض ما يجـــــــــــــــــــوز .
وفي هــــذا كـــــله عـــلىَّ أن أكــــــون ، مضطرماً في عبادتي ، كابحاً لجماح كبريائي .
ولا تدعني أفرح بخير من وجـــــــودك ، إذا لم يكـــــــــن التواضـــــــع فيّ خــــــــــيراً .