الفصل الثالث
أن الله هو روح الحياة الروحية
مـــوت الجســـد فقدان حيـاته ،
و موت النفـس فقدان حياتها .
حيــــاة جسـدك نفســــــــــك ،
و حياة نفسـك إلهـــــــــــــك .
و كمـــــا أن الجســــد يمــــــوت ، إذا انفصلت عنه النفس التي تحييــه ؛
كـــــــــــذلك تمـــوت النفـــــــس ، إذا انفصل عنها اللـــــه الذي يحييها .
أكيـــــــــــد بأن النفس خالدة لا تموت ، لأنها حيّــــــــــــــة و إن ميتـــــــــــــه .
إن قول الرسول عن المرأة الشــــــريرة ينطبق على النفس التي ضيّعت إلهها :
( لأنها ، و إن حية فهي ميتــــــــــــــه )
( 1 تيموثاوس5/6 ) .
الله يحيا ، و نفسك تحيا ،
إنما حياة اللـــــه ثابتــة ،
و حياة نفسك متغيرة .
اللـــــه لا يربح ولا يخسر بل هو دائم في ذاته و هو كما هـــــــــو :
لم يكــن بخلاف ما هو الآن ولا بخــــــــــــــلاف ما سوف يكـــــون .
أما حياة نفسك فإنها بالعكس تتطـــــــــــــــــورّ بألف شكل و شــكل :
كانت حمقــــــــاء ؛ و هـــــــــــــا هي الآن عــــــــــــــاقلة .
كانت خاطئة وهـــــا هي الآن بـــــــارة ،
تارة تنـــــــــــــــسي و طوراً تــــــذكر ،
تارة تتعلــــــــــــــــم و طوراً تقصّــــر ،
تارة تنسى ما تعلمت وطوراً تتذكـــــر ،
ما نسيت .
حياة النفس قابلة للتطور :
إن أدبرت عن الله كفـــرت به ،
وإن قبلــت إليــــه تــــــــــبررت .
ألا تظـــــــــــــــــــن : أن البـــارد يسخن قــرب النــار ،
ويـــــــبرد متى أبتعـــد عنهــا ؟
تلك هي حال النفس :
إنهــا النفس ولو لم تكن حكيمة أو بارة ،
إنهـا النفس ولو لم تكن تقيــــــــــــــــة .
كون النفس ولو لم تكن تقيــــــــــــــــة .
كون النفس نفساً شيء وكونهـــا حكيمــــة ، بــــــــــــــارة و تقيــــة شيء أخر .
من خــــلال أعمالها تظهر حيــة ، و إن لم تظهر حكيمة بارة و تقية .
إنهـــا من خلال أعمالها تظهر حيــــــــــــة ، كما تظــــهر أفضـــــل من الجسـد ،
ولكن هــــــل تظهر حكيمــــــــــة ، تقية و بارة من خــــــلال أعمالها ؟
ألا يســـــير الجهـــــال و الكفـــرة و الأشرار ؟
ألا يعملون و ينظرون و يتكلمون و يسمعون .
و لكنها متى إتجهت إلي ما ليســـــــت هي ، و إلي ما هــو أســـمي منهـــا ،
و إلي ما قـــد خرجـــت منـــه ،
فإنها تأخذ الحكمة و البر و التقوى التي بدونها .
و إن وجدت تعتبر ميته ، ولم تحي من الحياة التي تحيا منهــــــــــــا
هي عينهـــــــــــــا بل التي يحيا منها الجسد .
حياة النفـــس ليست من مبدأ حياة الجســــــم ذاته .
في الواقع :
إن النفس أفضل من الجسد ، لكن الله خالقها أفضل منها .
و لو كانت النفس حمقاء ، خاطئـــــــــــــة ، شـــــــــريرة ،
فإنها تبقي للجسد حياته .
لكن بمــــا إن الله حياة لها ، كما هي للجسد حياة تقوّية و تجملّه و تخدم أعضاء عليه ،
هو أن يكون في النفــــس ، لكي يقدم إليهـــا الحكمـــة والــــبر والتقــــوى والمحبـــة .