الفصل السابع
في الرياء
لا تحـــــــاول أن تخـــدع كالمرائين .
المـــــــراؤون خداعون ؛ وهكـــــذا ،
فكل من أراد أن يظـــهر بخــــــلاف ما هو فهو مراء .
المـــــــــرائي يتظــــــــــــاهر بالاســـــــــتقامة ؛
ولا يظهر أن يضع كل ربحه في مديح الناس له ؛ وهذا ما يكسبه المراؤون .
حــــــــــــين يخدعــــــون الناس بمظهرهم الصالح لكي يثُنــــــــــــــــــوا عليهـــــم .
لكن المرائين لا ينالون من الله ، فاحص القــــــلوب ، سوي العذاب عقاباً على غشهم ؛
لأنه قـــــال : ( لقد أخـــــــذوا من الناس أجــــرهم ) ويقول لهم بحق :
( ابعدوا عني يا فعلة الإثــــــم يا مـــــن أخذتم اسمي وتركتم أعمالي ) " متى23:7 ".
والذين لم يعملوا الصدقات وأعمال البرّ إلاّ لكــي يمجـــــدهم الناس
قد أخذوا بالنتيجة أجرهم ؛
لا لأن الناس قد مجدوهم ؛ بل لأنهـــــم عملوا كي يمجدهم النــاس .
على مـــن يعمل خــــــــيراً ، أن لا يتوق إلـــــــــــــــي أن يمجــــــــده النـــاس ؛
لكــــــــــن تمجيد النـــــاس يتبع حتمـــاً عمـــــــــل الخير لكي يتمكن من يمجّد
من أن يحذو حذوه ؛
فلا يعتقد مــــــن كـــــــان موضوع ثناء بأن هـــذا المجد مفيد له ونــــــــافع .
لا يجوز لك أن تعمــــــــــــل ما هــــــــو مشجوب في المـــــــــــــــــــرائين .
هـــم يُلامـــــــون لأنهــــــــم يعملـــون لكي يمجـــدهم النــــــاس .
إن شــئت أن تظــــــــــــــل في الطريق المستقيم ، فاحفظ وصايا الربّ إلهك ،
وأصغ إلي المعلّم يعظُك على الجبــــل .
صوت المعلم
لا تعمل صدقتك أمــــام النـــاس لـــــــــــــــــــــــــيروك ؛
وإلا فليس لك أجرّ عند أبيـــك الذي في الســـــــــماوات.
مـــــــــــــــــتى صنـعت صدقة فلا تضرب أمامك بالبوق
كما يصنـــــع المــــــــــــراؤون في المجامع والطرقات لكي يمجدهم الناس .
الحــــق أقــول لك أنهـــم قبـــــــــلوا أجرهم .
أما أنــــــت فإذ صنعت صدقة فلا تعلم شمالك ما تصنع يمينك لتظل صدقتك خفية
وأبـــــوك الذي يري في الخفـــاء يجـــــــــــــــــازيك .
{ متى صليت فلا تكن كالمرائين
فإنهم يحبون أن يصـــــــــــلوا قائمين في المجامع و في زوايا الساحات ليراهم الناس .
الحــــــــــق أقــــــــول لكــــــــم إنهــــــــم قبلوا أجرهم .
وأما أنـــــــت فمتى صــــــليت فادخل إلى مخدعك و أغــــلق بـــــــــــــــــــــــــابك
و صــــــــــــل لأبيــــك ســــراً الذي في الخفــــاء وأبـــوك الذي يرى السر يجازيك } .
{ و متى صمت فلا تكـــــن عابســـــاً كالمرائين الذين ينكرون وجوههم ليرى النــــــــاس صيــــــــامهم :
الحق أقول لك إنهم قد اخذواأجرهم و أما أنـت فمـــــــــــتى صــــــــمت فادهن راسك و اغسل وجهك }
" مت 6 : 6-10 " .
وعليـــــــــــه فإن صنعت عملاً صالحاً فاحذر من أن يداخله حب الظهور أو رغبة في المجد البشري
الذي يضاعف قلبك ولا يخلّيه نقياً صـــــــافياً لكي يفهمــــني .
وجّه نيتك إلي الأفراح الباطنية
لئلا تبحث عن الأجر في الخارج فتتكيف بهذا العالم ،
وتنسي وعدي لك .
ليـــــــــس الغـــرور في التعــــــلق في مظهر الأمور الجسدية وزخارفها وحده
إنما هو أيضـــــــــاً في تلك الأمور الخسيسة المؤلمة نفسها
التي يزداد خطرها لكونها تخدع تحـــــــــــت ستار خــدمتي .
إن غالـيت في الاعتناء بجسدك وقلبك وما إليهما من الأمور الأخــــرى ،
سهل عليك الاقتناع بأنك من المعجبين بتلك الأبهات العالمية وزخارفها ،
وما أستطعت أن تخدع أحداً بمظــــــــــهر قـــــــــــــــــداسة .
إياك أن تتخذ التقوى مظـــــــــهراً ثم تكفر بها كفضيلة .
البراءة الكاذبة ليست بــــــــــــراءة ؛
والعدل الكاذب ليـــــــــس عـــــــدلاً ؛
بل جورُّ مزدوج أنه جور وكـــــذب .
لا تعتقـــــد بالمـــرائين لأنــــهم مؤمنون كاذبون ؛
يتظاهرون بالإيمـــان فـــــــي اعتراضــــــــهم ولكنهم كفرة في حياتـــهم السيئة ،
ويتكلمـــون بخلاف ما يعتقـــــدون ؛
ولهذا فهم منبوذون برغـــــم أن ما قلـــــــــــت معلمــــــاً هو مفيــد لهم ونــــــافع ،
( أسمعوا أقوالهــــم ولا تعملوا أعمالهم لأنهــــم يقـــولون ولا يعمـــــــــــــــــــلون)
" متى 3:23 "
كم أرسلت من تهـــــديدات للجــــــدران المبيضـــــة بالكــــلس ؟
ها هـــــي شهادات الأنبيــاء لا تعـــــــد ولا تحــــــــــــــــــصي
وفيهـــــــــــــــــا لعنت الجدار المبيَّـــــض بالكلـــس .
ما هـــــو الجـــــدار المبيَّض بالكلـــس إن لم يكن ذلك المرائي .
لمعان في الخارج ووحـــل في الداخــــــــــــــــــــــل .
إن فتحت باباً في جدار مكلس مســـــــتقل عن ســـواه من الجدران
وغير مرتبط بهـــــــا ودخل منه شخص يدخل إلي الخارج .
هكذا هي حال من يبني حـــائطاً ويكلســـــــــــــــــــــــــــــــــــه ،
ولا يربطـــه بغيره من الجدران وأي نفع له من باب فتحه فيه ؟
إن دخـــلت وجـــــدت نفسك خارجاً
لأنك لست تدخـــــــل من البــــــاب
ولأن هذا لا يؤدي بك إلي الداخل .
أمــــــا أنا فأقــــــــــول : أنا هو الباب ، وبي الدخول .
وكل من يطلبون مجدي من هذا الباب يدخــــــــــلون .
المــــــراؤون لا يطـــــــــــــــلبون مجـــدي بل مجــــــــــــــدهم .
وحـــــــــدثت بسبب المــــــرائين انشقاقات كـــــــــــــــــــثيرة :
بين الأشرار اضطراب المراؤون خـــــــوفاً إذ كانوا شراً منهم
وأبوا أن يكونـــــوا صالحـــون بين الأشـــــــرار .
آه لو كانوا حنــــطة حتى زمن التذرية ،
لصبروا على التبن على البيــــــــــدر .
ولكن بما أنهم تــــبن فقد هبت الريح واختطفت التبن عن البيدر
قبـــل التـــــــــــذرية وألقتـــه بين الأشـــــــواك .
أيّا كان اتجاهك فــــي الإيمــــــــــــان فأعد نفسك لتحمّــل الكذبة ،
وإلاّ لقيـــــــــت ما لم تتوقعـــــــــــه ؛ قتســـقط أو تضـــــــطرب .
وديانتي نفسها تضم صــــــــــالحين وتـــــــــضم كــــــــــــاذبين ؛
فيؤخذ هـــــذا ويترك ذاك من بـــين عبيدي أنفسهم المسيحيين .