الفصل السابع
في الإقتداء بالمسيح
المسيح يقول لك :
( أنا الطريق والحق والحياة )
" يوحنا8:14 ".
إذا أردت أن تمشـي فأنا الطـريق ؛
و إذا أردت إلاّ تغلــط فأنا الحــــقّ ؛
و إذا أردت إلاّ تموت فأنا الحيـــاة .
لا تســـتطيع أن تأتي إلاّ إلـــــي ،
ولا تستطيع أن تأتي إلاّ بــــــي .
أعــــــــرف أين تــــــــــــــذهب ،
و أعــــرف أيَّ طــريق تســـلك .
و مـــاذا تخـــــــــــــــــشي ؟
من الذي يضل في الحـــــق ؟
أنت تضل إن ابتعـــدت عني .
هـــل تخشي المــــــــوت قبـــــــــل الوصـــــــــول ؟
أطمئن بالاً : بي تسـير و إليّ تسير و فيّ تستريح .
لـــدي الآب أنـــــــــــــــا الحق والحياة ،
ولما أخذتُ جسماً صرت الطــــــــريق .
أني لا أقول لك : أعمــــــل باحثـــاً عن الطريق ،
لتصل إلي الحقيقــة و الحياة .
كـــــــــــلا لست أقـــــــول ذلك .
إنمــا أقول لك : أنهــــــض ، أنا الطريق أتيتُ إليك ،
و أنهضتُك من نومـــــــــــــــــــــك :
أنهــــــض و أمــــــــــــــــــــــــش .
كان الطــــريق كثـــــيرَ الوعورة فمــهـــدّته ،
مــــــاراً عليه أمام الجميــــع ،
ولم يخــــش الكثيرون المــرور عليــــــــــه .
لأنـــــي كنت أول من مر عليه .
إن شــــــئت أن تتبــــــع طــــريقي ،
فلا تمــــش فـــي طـريق آخر ســــوي ،
الطريــــــق الذي أنا ســرت عليـــــــه .
إن بدا وعراً لك فثــــــــق بأنه مأمــــــون .
وقد يكـــون غيرُه أكــــثر منه ســــــهولة ،
و لكنـــــــــــه ملئ باللصوص .
ســــــــــر مطمئنــــــــــــاً في الطـــــريق ،
واحذر الفخاخ المنصوبة على جانبيــــة .
لا يجــــرؤ العــــــــــــــدو أن ينصب لك شباكه على الطــريق ،
ولكنــــــه يشـــــــــــــرع في نصبهـــــا على حــــــــــــدودها .
لا تخــــف و لا تضطــرب إن ســـــــــرت في الطـــــــــــــريق .
إنما خـــــــــــــــــــــــــفْ إن تركــــــــت الطــــــــــــــــــــريق .
آذن للعــــــــــــــــــــــدو بأن ينصب شباكه على جانبي الطـــريق ،
لئلا تســــــــــتسلم إلي طمأنينة الغبطـة ،
فتبتعــــــــــــــــــــــــــد عن الطـريق و تقـع في شــــــــــــــــباكه .
سرْ بأمـــــان على الطريق بواسطة الفضيلة لا على الأقدام ،
لأن الكثيرين يتحركــــون بخطـــاهم و يتعثرون بأخــلاقهم :
أولئـــــــــك يســـرعون خــــــارج الطـــــريق .
فى الواقع انت تجــــــــد اناساً حســـــني الســــيرة ، وليســــــوا مسـيحيين .
انهــــــــم يسُـــــــــرعون معتمدين ما لديهم من وسائل ، خارج الطــــريق ،
وكلمــــا ازدادوا سرعة ، كلما ازدادوا ضلالاً خارجـــــــاً عن الطـــــريق .
لـــــــــــــــو أن أمثـالهم وصلوا إلي الطريق و استمسكوا به ،
لاطمأنوا كثيراً لأنهـــم يسيرون سيراً حسـناً و لا يتيهــــــون .
أمــــــــــا إذا لم يمســـكوا بالطريق ،
و إن سـاروا ســـــــــــيراً حســــناً ،
فكــم يكــون حزنُنا عظيماً عليهم .
أفضل للإنسان أن يتـــــعثَّر في سيره على الطــريق ،
مــــــــــــــــن أن يســـرع خـــــــــارجاً عنـــــــــــه ،
إن شــــئت أن تتبـــــعني فأكفـــر بنفسك و أحمل صليبك و اتبعــــني .
أحمــل صــليبك و تحمَّــل تجــــــــــــــربتك .
و أقبــــل صـابراً جميــع ما ينتــابك ، حبـاً بي .
هذه هي طريقـــــــك : ســــرْ متواضعاً تصــــــــــــــــل إلي الأبـــدية .
أعطيتـــــــــك مثـــــــلاً : جعـــــت ، و عطشت ، و تبعت ، و نمــــت ،
ثم ألقي القبض علىّ ، فضــربت ، و صــلبت ، و قتلت .
نبــــــــــــذت خيــــــــور الأرض كلهــــــــــــــــــــا ،
لأبيّن لك كيــــــف تحتقــــــــــــــرها ،
و تحمـــــلت كل مــا في الأرض من ضيقــــــــــات ؛
و أوصيتــك بـــــــــــأن تحتملهـــــــــــــــــــــــــــا ،
فلا تبحث ، في الأولى ،عن ســعادتك ،
و تخشي نكـــــد الثـــــانية عليــــــــك .
و ولـــــــــدت : من أم حبلت بي دون أن يمسَّها رجــل ؛
و ظلت عذراء : حبلت بي عــذراء و ولدتــــــــني عــــــــــذراء و ماتت عـــذراء ،
و مع إنهــــــــــــــا كانت مخطــــــــــــــــــوبة إلي نجــــــــــــــار ،
فقد قضـــــت على ما في الجسد من عنفوان .
و إذ ولدتُ في بيت لحم ، صــــــــــــغرى مدن اليهـــــــــــــــودية ،
فلم أطلب المجد من شهرة مدينة كبيرة.
و صـــــــــرت فقــــــيراً ، أنا الـــذي خلقـــــــت كل شـــــــــــــيء ،
لئلا يفاخرَ بأمـــواله من قد يؤمــن بي .
وما أردت من النـــــــــــاس ملكـــــــــــــــــــــــــــــــــاً ،
بل أظهرت بتواضـــــــــعي الســـــــبيل للبؤســــــــــاء ،
الــــــــذين يبتعـــدون عني إن رأوني متكــــــــــــــبراً ،
مع إن كل مخلوق يشـــهد بخلــود مملكتي .
و جعـــــت ، أنا الــــــــذي يطــــعُم كلَّ حـــي ،
و عطشت ، أنا الـــــــذي يخلق كل شـــراب :
أنا هــــــــو خبز الجياع الروحي
و معــــــــين العطـــاش الروحي .
و تعبـــــت عــــــــــلى طـــــــــــــــــــــــــرق الأرض ،
أنا الـــــــذي جعل نفسه طريقاً إلي السماء ،
و سكتت ، أنا الـــــــذي أســــمع الصــــــــــمَّ ،
و أنطق الخــــــرس ،
وصرت أخرس أصم ،
أمــــام من يهينــوني .
و ربطـت ، أنا الـــــذي حــــــلّ مــــن قيـــــــود الأمــــــــراض .
و جـلدت ، أنا الــــذي أبعـــــد عـــــن أجســـــام النــــــــــــاس ،
قضبـان الأوجاع على إختلاف أنواعهـا .
و صلبت ، أنا الــــــــــذي قضي على عذابــاتك كلها .
ومــــــت ، أنا الـــــــــذي أقــــــــــام الأمــــــــــــوات
و قمــت ، عـــــــــــلى أن لا أمــــــــــــــــــــــــــوت ،
لكــــــــي أعلمـــــــــك أن تحتقــــــــر المــــــــوت ،
يا مــــن فرض عليك أن تحيـــــــا إلي الأبـــــــــد .
احتقــــرني النـــــاس ، أنا الـــــــــرب إلهـــــــك ،
و أنت تطلب منهــــم أن يكرمــــــــــــــــــــــوك ؟
لا تطالب لنفســـــــك بمــــــا لم يتحقــــــــــق فيّ .
ليس تلميــــــــــذ أفضل من معلّمــــــــــــه ،
و لا عبـــــــــــــد أعظم من ســـــــــــــــيده .
لا تســـــــــــــبقني بــــــــل أتبعــــــــــــني ،
ولا تعطني نصائح بــــــــل أقبل نصائحي .
أراد بطـــــــــرس أن ينصحني حين تنبأت عن آلامي ،
و أحــبّ المريضُ أن يعــــطي مشورة في الخـــلاص ،
لكنـــــــــــــــــــني أنا الـــــــذي أردت أن يتبــــعني ،
لا أن يسبقني قـــــــــــــــــــلت له :
( إليك عني يا شيطان )( شيطان )
إذا كان عليــــــه ان يتبعني فأراد أن يسبقني .
و لما تبعني قلت له : ( على هذه الصخرة أبني كنيستي ) .
و أراد ابنا زبدي أن يسىـــــــــبقاني إذ اختاروا ، قبل أن أتــألم ،
محلين لهمـــا : الواحد عن يميني و الأخــــــر عن يســـــاري .
و عبثـــــاً سارا
لأنهمــــــا أرادا أن يســبقاني فأرجعتهما إلي التواضع قائلاً :
هل تسـتطيعان أن تشـــــــربا الكــــــأس التي أشــــــــــربها ؟
أنــــــــا جــئت متـــــــــــواضعاً ،
و أنتما تريدان أن ترتفعا أمامي .
عُـــــد إلـــي الوراء ،
و سرْ خلـــــــــــفي :
أنــــــا أسير أمامك ،
وأنــت أتبعــــــــني .
الطريقُ الذي أنا أسير فيــه ، ســـرْ أنــــــــــت فيـه .
و لا تسرْ حيث أنت تريــد ،
و حيث تريد أن تأخــــــــذني .
إن شـــئت أن تسبقني فلست تريد الإصلاح لنفسك ،
يحسنُ بك أن تســـير خلــــف من أردت أن تســبقه .
لا تيأس .
لقد جعــلت نفســـي طريقـــــــــاً لا ينتهــــــــــــــي ؛
فلا تعطــله أمطار و فيضانات و لا يقطعه لصوص .
ســــــــرْ فـي الطريق بأمــــــــــان :
أمـــش فــــــــــــــــيّ بأمـــــــــان :
ســــــــرْ لئلا تتعــــثّر و تســـــقطَ ،
و تتراجــــع و تتوقــــف ،
ثم تبتعــــد عـن الطـريق .