الفصل الثالث
في أن الكبرياء هي أصل كل خطيئة
الكبريــــــاء : هي أن يحب الإنسان في ذاته ما يمتاز به عن سواه .
إن الكبرياء ، بنظري ، لخطيئة كبــــيرة ،
كبـــــيرة هي لأنها أســـــــقطت المــــــلاك ،
و كبــــيرة هي لانها صيرت الملاك شــيطانا ،
و أوصدت بوجهه إلي الأبد ملكوت السموات .
انها لاثم فظيع و أوصل الاثام كلها لانه مكتوب :
(( الكبريــــاء اصــــــــــــــــــــــــل كل خطيئة )) . ( ابن سيراح 10/15 )
و لئلا تتهاون فيهــــــا قال ايضـــــــــــــاَ :" في موضع أخر :
(( اول كبرياء الانسان ارتداده عن الله )) ( ابن سيراخ 10/14 ) .
الارتداد عن الله من صنع هذه الرذيله :
تســير النفــس في الظلام و تسيء استخدام حريتها ،
فترتكــــــــــــب خطــــايا اخـــــــــري ، و تحيـــا بالبــذخ فتبــدد ما لها مــع الزانيات ،
و يصبـــــــــح من كان للملائكة نديما ، راعياُ للخنازير بسبب ما حل به من بــــــؤس .
جاء اللــــه "متواضعاً " بسبب تلك الرذيلـــة خطيئــــــة الكبريــــــــــاء الفظيعــــــــــــــة
ذاك هـــــو الســــــبب و تلك هي الخطيئـــــــة و ذاك هو المرض التقوي الخــــــــــــــطير
الذي دفع الطبيب القوي مـــن الســـــــــــماء لأن يأخذ صـــورة العبـــــد ويتحمل الاهانات
ويعلـــــق علي الخشبة ويشفي بدوائه الناجع ذاك الــــــــــــــــــــــــــورم .
لا تنخدع بما تأتيه الكبرياء من أعمال عظيمــة ،
صمــمّ ، في قلبـــــــــــــك على أن تعمل مثلهــا ، إنما عن محبـــــــــــة .
المحبة : تطعـــم الجـــــائع و الكــبرياء أيضـــــــــــــاً ،
و لكن المحبـــــــــــــــــــــة تقوم بذلك تمجيــــداً للـــه ،
و الكبريـــــــــــــــــاء ، تمجيـــــــــــــــداً لذاتهــا .
المحبة : تكسو العـــريان و الكبرياء أيضـاً ،
المحبة : تصـــــــــــــــوم و الكبرياء أيضاً
و كلتاهما تقومان بدفـــــن الموتى .
المحبــــــــة : تعمــــــــــــل جميع الأعمال الصالحة التي تريدها ،
و الكبرياء : تقاومهــــــــا و كأنهــــــــــا تقــــــود خيلهــــــــــا .
بيــــــد أن المحبة باطنية : إنهــــا تحـذف مكــان الكبريــــــــــاء ،
الـــــــتي قد تكون لهــــا أعمال خارجية جيدة و لكن بدافع شرير .
الويل لك : إن اتخـــــــــــــــذت من الكبريــاء حوذياً لعربتــــك ،
إذ ذاك يتحتّم عليك أن تسقط منها رأساً على عقب .
و كيف لك أن تعــــــــــــــرف إن كانت الكبرياء هي التي تدفعك إلي الأعمال الصالحة ؟
من يـري ؟ وأيـــــــــــــــــن ؟ تفحص أعمالك .
الرحمةُ : تطعـــــــــــــــــمُ و الكبرياء أيضاً ،
الرحمة : تسـتقبل الغرباء و الكبرياء أيضاً ،
الرحمة : ترأف بالمسكين و الكبرياء أيضاً .
المحبة تموت : أي أن الإنسان الحاصل على المحبـــــة يعــــترف باسم المســـــيح ،
و يـــــــــــروح إلي الاستشهاد و الكبرياء تعترف أيضاً و تقـــــود إلي الاستشـــهاد .
هـــذا فيـه محبــــــة ، و ذاك كلا .
و لكن فليســـــــمع من ليست فيه محبة كــــــلام الرســــــــــول :
إن وزعــــــت مالي على الفقـــــــــراء و سلمت جسدي ليحرق
ولم تكن فيّ المحبة فلا شيء ينفعني من ذلك كله ( 1كور 13/3 )
يصدك الكتاب الإلهي .
عن اظـــــــــهار هذا الوجه للخارج و عن هذا المجال ،
الذي يعرض فيه أمام النـــــــــــاس يردك إلي الداخــل .
عد إلي ضميرك و سله ، و لا تنظر إلي ما يزهو في الخــــــارج ،
بــل انظر إلي الجذع الذي في الأرض .
إن كانت الكبرياء متأصـــــــــلة تستطيع الأعمال الحسنة أن تظهر بمظهر الصــــــــلاح ،
إنمــا لا يســـــــعها أن تكــــــــون أعمــالاً صالحــــــــــة .
و إن كانت المحبة متأصلة فيــك فاطمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــئن اذ لا يصدر عنها اي شر .
المتكبر يلاطف و المحبة تقسو : هو يستر العيوب ارضـــاء للنــاس
هي تؤدب لتصـلح بواسطة النظـام .
جرحُ المحبــة مقبــــول أكثر من صـــدقة المتكـبر .
عدُ إلي نفسك و في كل ما تعمـــل اتخــذ اللـــه لك شــــــــــاهداً .
أنظر إن كان هـــو ينظر إلي النية .التي بها تعمل
إذ لم يشكك قلبك لكونك تعمــــل ، حباً بالتظـاهر ، فكن مطمئنــاً .
لا تخـــف ، حـــين تعمـــــل خــــيراً ، مـــــن أن يـــراك أحـــد ،
خــــــــــــف من أن تعمـــــل لكـــــــي يمدحــــــك النــــــــــاس .
لأنه من الضروري أن يراك الناس لكــي يمجدوا الله .
أما إن احتجبت عن أعين الناس فلا يقتدون بك ،
و حرمت الله مــــــــــــــن هذا المجـــــــــد .
أنــــك تتصـــــــدق عــــــــــــلى بائســـــــــــــــــــــــين جائعـــــــــــــــــين ،
أحدهمـــــــا جائــــــــع إلي الخــــــبز و الآخـر إلي الــبر .
و بين هذين البائســــــين أنت هـــــو الصانع الصــــالح :
إن أحببت الواحد أحببتهما معاً و مددت يد المســــاعدة إلي كل منهمــــــــا ،
أما الأخــــــر فأنه يبحث عما يقتدي به .
أنـــــــــــك تقدم الطعام الواحـــــــد فقـــــدم نفســــك للأخـــر :
تصدقت على كل منهما فاعترف الواحد بفضــلك ،
لأن جوعه قد أشـــــــبع و أتبع الأخـر المثال الـذي قدمته له .
لا تخــــف : إن كانت للمتكـــــــــــبرين مــــــآدبهم ،
فللمتواضـــــعين أيضاً مأدب .
إن تنــــاول المتواضع للبر طعاماً له ،
و الأثيــــــم كبريــــــــاءه ،
فلا عجب إذا لــــــــم يشـــــــــــــبع قلب المتكــبر .
يريد المتكبرون أيضاً أن يخدموا الإنجيـــل ، و لكنهم يخدمون نفوسهم ؛
و لأنـم لا يطلبــــــون ما هـــو للمســــــــيح بل ما هو لهم ( فيلبي2/21 )
فالويل لمن يخدم ذاته .
و إن صنعـت عجـائب فـــــــلا تفــــــــــــــرح ، بـــــــذلك ،
بل أفـــــرح لأن اســـــــمك مكتـــــــــــــــــــــــــــوب في السماء .
و بالعكس فالـــــــــــــــويل إن لم يكن اسمك مكتوباً في السماء .
و هل ينادي عليك بالويل و الثبور لأنك لم تقـــمّ المـــــــوتى ،
و لم تطرد الشـــياطين .
و لم تمش على البحر ؟
إذا كنت قد أخذت نعمة القيام بذلك فاستعملها بتواضع بعيـــداً عـــن كل كــــــبريــاء ،
إذ أن الرب قد قـــال عن بعض الأنبياء الكذبة إنهـــم سوف يعملون آيات و عجائب .