الفصل السابع عشر
في الســعادة الأبديــة
الحياة الأبديـــة مشـــاهدة ،
هذا ما قاله المسيح ذاته :
( إن الحياة الأبدية هي :
أن يعرفوك أنت الإله الواحد الحقيقي
و الذي أرســلته يســـوع المســــيح )
" يوحنا3:17 ".
الحياة الأبدية هي :
أن يعرفوا و يشاهدوا و يدركـــــــــوا ما آمنــوا به ،
و ينالوا ما لم يكن بوسعهم أن يدركـــوه .
حينذاك يري العقل ما لـــــــم تره العـــــــــين و لـــم تسمعه الأذن
و ما لم يخـــــــطر على قلب بشر ثم يسمعون الكـــلام القــــائل :
( تعالوا يا مباركي أبي خذوا الملك المعد لكم منذ إنشاء العـــالم )
" متى34:25 ".
ســـــــــوف نـــري الله ، و ذاك شيء عظيم يصبح ،
كل ما سواه تافهـــــــــــــاً ولا قيمــة له البتــــــــــــة .
إنّا لنعتبر أنفسنا ههنــا سعداء إذا كنــــا نعيش بسلام ؛
برغم أن الحصول عليـــه في هذه الحياة أمر صــعب .
أمـــــا إذا قارنا بين سعادتنا هذه و تلك السعادة العتيدة ،
كانـت هـذه بالنســـــــــبة إلي المقبـــلة بؤســاً وشـقاء .
و بالتــــالي ماذا يكون عمل الإنسان هناك ؟
ما لا يعمل ؛ أســــــهل علىّ قـــوله ممّا يعمـل .
و أقـــــول إن استطعت و بقدر ما أســـــتطيع .
الفرح في بيت الله أبدي :
و فيــــــــــــه عيــــد لنـــا لا ينقضــي ،
بل إلي الأبــد مع طغمـــــه الملائكــة ،
في رؤيـــة الله و ســـــرور لا يــزول .
و عيد الإنســان هذا هــو من الأعياد التي لا بداية لها ولا نهاية .
إذا ابتعد الإنسان عن ضوضاء العالم :
تناهي إليه من ذاك العيد الأبدي نغم عذب و شجي .
هناك لا لزوم للفطنة :
إذ لا شــــرّ يتحـــــــــاشاه الإنســـــــــــــان ؛
و لا عـــدل حيث لا بؤس يجــب تخفيفـــــه ،
و لا اعتدال حيث لا شهوة يُكبح لها جمـاح ،
و لا قــدرة حـيث لا ألـــم يحتمـــــــــــــــــل .
جميلة هي أعمال الرحمة و جديرة بكل تقدير :
و لكـــــــــــن ، لا فائدة منها حيث لا يفرضــها شقاء ملحــــــــــــــاح .
و من الــــذي تطعمـــــــــــــــــــــه و ليـــــــس من يجـــــــــــــــــوع ؟
و من الــــذي تســـــــــــــــــــــقيه و ليـــــــــس من يعطــــــــــــــش ؟
و أني لك أن تكســــو العـــــــريان و كل الناس يلبسون عدم الموت ؟
و أني لك أن تــــــأوي غريبــــــــاً و كل الناس فـــــي أوطــــــــانهم ؟
و أني لك أن تعــــــود المرضــــي و الكل يتمتعون بقوة الطهارة عينها .
و أني لك أن تـــــدفن المـــــــوتى و كل الناس أحيـــــــــــــــــــــاء ؟
و أني لك أن تصالح المتخاصمين و كل الناس مســـــــــــــــالمون ؟
و أني لك أن تؤاسي المحــزونين و كل الناس في فرح إلي الأبـد ؟
و طالمــا أن جميع أنواع البؤس تنتــهي ،
فــــــــــــــإن أعمال الرحمة تنتهي معها .
هنـــــــــــاك تكون سعيداً لا تحتاج شيئاً و لا تطــــلب شــــيئاً .
و غنــــــــاك الوافــــــــــــــر ســـيكون الله ذاتـــه .
عن أي شيء كنــت تبحـث يا بخيـــــــــــــــــــــل ؟
و ماذا تطـلب مـــن اللــــه إن كنت لا تكتفي بالله ؟
هنـــــــــــاك لا انـــــــــــــــزعاج و لا شـــــــــــــــواذ و لا مقــــاومة ،
و لا ما يخدش النظر بل الكل يسبحون الله في ســلام تام .
سـتكــــون ســــعيداً لأنــــك لــــن تحتـاج إلي شــــــــيء .
ستكون مليئاً ؛ و لكـــــــن ، من إلهـــــــــــــــــــك .
و ســيكون لك هنــــــــــاك كل ما تتوق إليه ههنا :
ههنا تطـــــــــــــــــلب قــــــوتاً و هناك يكون الله قوتاً لك .
ههنا تتوق إلي عناق الجســـد و هناك :
( و أنا فحسن لي القرب من الله )
" مزمور72/28 ".
ههنــــــا تطلـــــــــب الــــــــــــــــثروات ،
أما هناك فهــــــــل ينقصـــك شــــــــيء ،
و قد صار لك صــانع كل شيء ؟
و لكنك تقـــــــــــــــول : مـــــــاذا أعمـــــــــــــــــــــــل ؟
يبدو أن لأعمـــــل لك : لا النظر ولا الحب ولا التسبيح .
إن الأيام المقدسة التي تتلو قيامة الرب ،
تعني حياتنـــــا ما بعـــــد القيــــــامة .
و كما أن الاربعين يومـــاً الســـابقة لعيد الفصــح ، تعـــــني حيـــــاة الجهـــاد في امتحـــــان المـــوت ،
هكــــــذا فـإن الأيـــــــــام التالية للفصــــــــــــــح ، تعـــــني حياتنا الاخـــــرى في الملك مـــع الـــــرب .
حياتنا الحــــاضرة كالاربــــــــــــــعين يوماً الســــابقة للفصح :
أما الحيـــــــــــــاة الممتلئة بالخمسين يوماً التي تعقب الفصح
فلا وجود لهــا الآن .
و لكننا نرجـــــــوها و بالرجــــــــاء نحبهـــــــــــــــــا ،
و نسبح اللـــــــــــه بهذا الحب عينه و قد وعدنــا بها :
تلك هـــي تســابيح الليـــــــــلويا .
الليلويا لفظة عبرية معناهــا : ســـبحوا الــــــــــرب .
فلتتجاوب أصداء الليلويا :
و ليحث بعضنا بعضاً على تســـــــــــبيح الله ،
بقلوب متـــــــــــــآلفة أفضل من أن نسـبحه .
على أنغــــــــام قيثـــــــــــارة الليلويا .
في أناشـــيدنا نتـــوقف بســبب ضعفنا ،
لكــــــــــــــي نـــــرح أجســــــــــــــادنا .
و هل نتوقــــف ألاّ لكـــي نريح أجسادنا ؟
ذاك ضـــــــــعف فـــــي الجســــــــــــــد :
فــي الحيــــــــــاة ضيـق كثـــــــــــــــير ،
و أيا كـــــــــانت عظمة ما فيهــــــــــا ،
فـــلا بـــد مــــن أن نأنف منــــــــــه .
هب إنهم طلبوا منا أن :
ننشـــــــــد الليـــــلويا بلا انقطـــــاع لاعتذرنا ،
لأننا نمــــل ونتعـــــب حتى من الإنشاد بالذات ،
وإن كــــان الإنشــــاد شـــيئاً مســــــــــــتحباً .
قفـــــوا وسبحوا الرب :
أيهـــا الواقفــــــــــــون في بيت الــــــــــرب ،
وفي ديار بيت إلهنــا .
ولم نبحث عما سوف تعمل هناك ؟
( طــــــــوبي لســــكان بيتــــــك ،
فإنهــــــم يســـــبحونك رب ،
إلي جيــل الأجيــــــــــــــال )
( مزمور3:83 ) .