الفصل الرابع عشر
تعلم جيـــــداً أن :
الرب المخلــــص ، يســـــوع المسيح ، هو طبيب خلاصك الأبـدي ،
و لهــــــــــــــــذا أخذ ضعف طبيعتك لئلا يكون الضعـــف الذي فيك إلي الأبـــــــــــد .
أخذ جسماً يموت ليقضي به على الموت: و هذا أمر ثابت لإيمانك .
و لكن أعـــلم أن : العجـــائب التي صنعهــــــــــــــا و هـو بالجسـد ،
تهيب بك إلي إدراك ما لا يزول و لا ينتهــــــي .
و ردّ إلــــــي العميان بصـرهم الذي سوف يطفئه الموت يوماً من الأيام و لا محالة ،
و أقــــــام من الموت لعـــازر الذي سوف يمــــــــــــــــــــوت من جــــــــــــــــــديد .
و كل ما عمله لخلاص الجسد لـــم يعمله لكي يبقي إلي الأبـــد مع انه سيمنح الجسد خلاصه الأبدي .
و لكنه أسس الإيمـــــــــان بما لا يري ،
على ما يري من الأشياء الزمنية المنظورة
لأن الإنسان لم يكن يؤمن بما لا يري .
و هذا الإيمان الحـــــــــار هو إيمان الكنيسة المنتشرة في الأرض كلها الذي به تصنع المعجزات ،
و العجائب . أما الآن فإنها لا ترفــــــض أن تتحــــدث عن خـــــــــوارق أدني منهـــــا قيمـــــــــة .
و كما أن النفــس أفضـــــل من الجســــــــــــد ،
كــــــذلك خلاصها أفضـــــــل من خلاص الجسد .
إن الجســــــــــــــد لا يبصر الآن بأعجـــوبة مــــــــــن الـــــــرب ،
إنما بالقلب الأعمى هو الــــــــذي يفتح بصـــيرته على كلام الرب .
الآن : ليـــس الجسد المـــــيت يقــــــــــــــــــــــــــــــــوم ،
إنمــــــا النفس الميتـــة هي التي تقوم في جسد حي .
الآن : لا تنفع الآذان الصماء في الجســــــــــــــــــــــــــــد ،
إنمـــــــا آذان القلب هي التي تنفتــح على كـــلام الله فيدخـــلها ،
و يصبح غيرُ المؤمنين مؤمنين و ذوو السيرة الرديئة صالحين
و المتمـــردون خاضعين .
و هل نعجب لأنـــــــــــــــــــك :
مؤمن و بار و خاضــــــع لله ، بعد أن أكتشفت ،
مبصـــــراً ، ما قد عرفتــــــه ،
أعــــــمى ، و رأيت ، حيـــــاً ، ما قد عرفتــــــه ،
ميتـــــــاً ، و رأيت ، سامعاً ، ما قد عرفتــــــــه ، أصـــــمّ .
لــــــــــولا خلاص الخطـــــــاة لما جاء المسيح إلي الأرض .
تحــــــررّ من أمراضــــك و جراحـــك فـــــلن تحتاج من بعـــده إلي عقــــاقير :
لــــــولا حشود المـرضى على الأرض لمــــا جاء الطبيب الأعظم من السماء .
نــــــزل الطبيب القـــــديرُ من السماء ليشفي المريــــض الخــــــــــــــــــطير ،
و تنازل إلي جسد الموت كمـــــــا إلي ســرير المـــــــــــــــــــــــــــــــــرض .
لا تقـل : انقضي زمـــن كان العالم فيــه أفضل .
فمــــــذ راح الطـــبيب يمارس مهنته ، صـرنا نري شروراً مخيفة .
لا تعجب : قبل أن يدواى مريض يجب على الطبيب أن ينظّف جرحه من الـــــدم .
و أنــــــت يا من تري هذا كــــــله أطرح عنك الملذات الباطلة و تعال إلي الطبيب ،
لأن الزمن زمـنُ عافيــــة و ليــس زمنَ لـــذة .
حذار إن لم تكن قد عرفــت الطـــبيب ،
فلا تصبّ عليــــــــــه جام غضبك كالمجنــــــون ،
و لا تمـــل عنـــــــــــه كفاقــــــــد الشــــــــــعور ،
لأن أناساً كثيرين قد هلكوا غاضــــــبين و آخــرين ســـــــواهم هلكـــــــــوا نائمـــــــــين .
جُنّ أولئك لقلة نومهم ، و فاقدوا الحــــــــس يغطــون في نوم مســــتمر .
و مع ذلك فإنهم يريـــــــــــــــــــدون أن يثوروا على الطبيب ، و بما أن ملكه في السـماء ،
نراهم يطاردون عــــــــــــــلى الأرض أعضاء له مخلصين .
أما هــــــو فنراه يعالجهــــــــــــــــــــم و يهدي الكثيرين منهم
فينتقلــون مـــن صفوف الأعــــــــداء إلي صفوف الأصدقاء
ومــن صفوف المضطهدين إلي صفوف الرســـــل .
وش فــي من اليهـــــــــود الذين قاموا ضده .
عدداً كبيراً وصلّي لأجلهم عــــــلى الصــــليب قــــــائلاً :
( أغفر لهم يا أبـــــــــــت ، لأنهم لا يــــدرون ما يعملون ) .
و بعـــــــد أن هدأ غضـــــــــب الكثيرين منهم و انتهي جنونهم عرفوا الله و اعترفوا بمسيحه .
و بعـــــــد صعوده إلي السماء و حلـــول الـــــــــروح القـــدس عاد الرسل إلي صـــــــــــالبيه
فأمنوا به و شربوا دمـــــــــه الذي سفكوه في ثورة غضبهم .
استعصي مرضـــــك فضقت به ذرعــــــــاً و تسبَّب بمجيء طبيب عظيم إليـــك .
لو سمح لك المرض بالذهاب إلي الطبيب لكان خفيــــــــف الوطــأة عليـــــــك .
مّا و قد عجـــــــزت عن الذهاب إليــــــه فقــــــــد جـــــــــاء هـــــو إليـــــــك .
و جاء يعلمك التواضع لتعود إلي الحياة بعد إن ابتعدتَ عنها بكبريــــــــــائك .
استكبرت في قلبـــك على الله و أهملت وصاياه الخلاصية فمـــــــــــــــــرضت .
و فـي مرضـك تعلــــــــــمت الطـــــــــــــــــــــــــــــــاعة لمن احتقرته ، معافى .
أصـــــــغ إلى من احتقــرته فســــقطت لكــي تنهــــــض من مرضــــــــــــــــك .
تعلّـــــــــــــم بالاختبـار أن تصغي إلي ما رفضت حفـظه من الوصيــــــــــــــة .
تعلّمــــــــت في شــــقائك كيــــــف يكــــــون بـــــــؤس من يخـــــــون الــرب .
إن الكفر بذاك الخير الصافي السليم ،
و الانصباب على الملذات الكثــيرة ،
و حب العالم و فســــــــاد الأرض خيانة للرب .
يلومك الرب و يؤنبك ، و لكنه لا يحتقرك
و يدفعـــــك إلي الخجل لكـــي تُشـــــــفي .
حـــــــــــب العالـــــم يجعـــــــل النفــس زانيــــة ،
و حب خالق العـــالم يجعلهـــــا طــــــــــــــاهرة ،
أنك لا تنشد الرجوع إلي تـــلك القبـــلات البريئة ،
إلا إذا خجلت من الفســاد .
اخجل لتتــــــــوب ، يا أيها المتباهي بعدم التوبة ،
كبرياؤك تصدّك عن الرجــوع .
إن مــن وبـــــــــخ لا يخطــــــــــأ بـــــل يكشــف الخطيئــة ،
إنّ ما رفضــــــــتَ أن تـــــــــــراه ماثل الآن أمام عينيــك ،
و ما أردته خلفك قائم أمام وجهـــــــــك .
أنظر إلي نفسك عدْ إلي نفسك ، أيها السائر بعيداً عن نفسك ،
وكما كنت بعيداً عن نفسك كنت بعيداً عن ربك .
تطلعتّ كثيراً إلي نفسك فأعجــــبت بها مولعاً بما لك من قــــدرة ،
أبتعــــــــدت عن نفسك و ما بقيت فيها ، فطردت منهــــــــــــــــا ،
و انتفيت عنها ثم استلقيت في الخـــارج .
أحببت العالم و خيراته الزمنية الأرضية :
إن أحببت نفســـــــك و أهملت خالقــــك تدنيت كثــــــــــيراً ،
و سقطت بحبــــك لما هو ادني منك .
أنت أقل من اللـه و أقل منــــه بكـــــثير كمــا المصنوع أقل من الصانع .
أحــــــــــــبَّ اللــه حبــــــــــــاً ينســـــيك ذاتك ما أمكــــــــــــــــــــــــــن .
حبّـــــــــــك العالم أنساك ذاتك ، فلينسك ذاتك حبــــك لصــانع العـــــالم .
اندفعت فهلكت : إن لم يعد بوســـــعك أن تــــري أعمـــــالك و أردت أن تبرر الشرير منها
استكبرت في السكر و الدعارة و الأباطيل و السلطة و الغني و قوة الباطل .
عليك أن تشكو نفسك و تصلحها و تكشفها لنفسك ثــــــــــم تعترف خجلاً بالعيب الذي فيك .
و عليك ان تتـــــوق إلي الطهــارة يا مــن ذهــــــبت على هواك فعدت خجلاً .
ناد يسوع ولا تدعّ الصحة .
إن من يقبـــــــــل الطبيب يمرض برجاء .
أمـــا الــــــذي بضـــــــــــربه في ثورة جنونه فهو مريض يائس واي مريض يقتل طبيبه .
مـــا أعـــــظم سخاء الطبيب و قدرته و قد ترك دمه علاجاً لقاتـــــــــــــله المجنــــــــون. !
على الصليب الذي رفع فوقه قال يا أبت أغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يعملون )
هم حمــــقي و أنا طبيب
هم ثائــرون و أنا صــــابر عليهم شفاؤهم علىّ بعد أن يقتلوني