الفصل الثامن
في الخــــــــــــداع
{ فاطرحـــــــوا كل خبث و كل مكر و الرياء و الحسد و كل مذمـــــــــة ،
وكأطفــــــــال مولودين ألان اشتهوا اللبن العقـــــــلي العديـــم الغش ،
لكي تنموا به إن كنتـــم قد ذقتـــــــم أن الرب صالح }
"1بطرس2/1 ".
و أعمل نظــــير الطفـــولة المقدســــة ،
وأطرح عنــــك الخبث والمكر والرياء .
حافـــــــظ على تـــــلك الــــــــــــبرارة ،
ولا تتخل عنها متى كـــــــــــــــــــبرت .
الخبـــث هــــو حـــــــب الإيــــــــــذاء ،
والخداع هــــو أن يعمل الإنسان شيئاً ويخفي آخــر .
والمكــر هــــو الإغـــــــــــــــــــــــــراء بمدح كاذب .
الخبـــــث : يفـــــرح بـــــــالأذى اللاحق بالغير ،
والريـــاء : يجعـــــل القـــــــــلب قلبــــــــــين ؛
أما المكر : فـــــــأنه يجعل اللسان لســــــانين .
أهرب من المكـــــــر: كن وديعـــاً كالحمــــــــــــــامة
وحكيمـــــــاً كالحيــــــــــــــــة ،
لا رغبةً في الإيـــــذاء بل ســـــعياً إلي تجنب المؤذي .
أهرب من المكر: حـــــــيث يفرح الإنسان بأن يعمــــــــــل ،
ليس فقط ما لا يخـــشى عليه لومة لائم ؛
بـــــــــــل ما يمكن الثناء به عليـــــــــه .
لا تهنئ الرجل الذي ينجح في طريقـــــــه ويحتاج إلي من يثأر لخطاياه
ثم له من يمدحه . ذاك هو غضب الرب العظيم .
ليقــــرعـــني الصــــديق وليوبخــــــــــني إنما ذلك رحمة .
" 140/5 ".
يجب عليك أن تطلب التأديب برحمـــــة ولا الثنــــــــاء الكاذب .
إن كـــــان صــــديقك بـــــــاراً ورحيماً ، فأنه يؤدبك برحمــة متى رآك في خطــأ .
تنـــــــازل الــــــربّ وكلّمك في شخص مؤدبك لئلا تصدّ عنـــك شخص من يؤدّب .
منُ وبُخ كان محبــاً : وهـــــو يوبّخ لأنه لا يبغض .
أســــمع الكتــــــاب : ( وبّخ الحكيم فيحبُّـــــــــك )
" الأمثال 9/8 ".
لن يطيب زيــــت الخاطئ رأس الحكيــم ،
لأن الثنـــاء الكاذب خــــــــــــــداع ،
وثنـــــاء الخداع الكاذب زيت الخــاطئ .
ولـذلك حــين يســـخر الناس من واحــد ،
ويثنون عليه ثنـــــاء كاذبــاً يقولون فيه
( لقد دهنا رأسه ) .
أحــــبّ إذاً توبيــــــخ البـــار برحمــة ،
ولا تهــــــوَ مديح الخـــاطئ بسخرية .
المضطهدون نوعان : الناقـــــــدون والمادحــون .
لســــــــــــان الماكـر أشدّ مطــــاردة من يد القاتل . لسان الماكر أتون
( بالنار يمتحــــــــن الذهب والفضة وكذا الإنسان مع فــــــــم مادحه )
" أمثال27/21 ".
الاضطهاد نار والمكر نار ؛ وعليك أن تنجــــــــــو منهما بسلام ،
من وبّخــــك حطّمــــــــــــك كمــــــا الإناء الخزفي في الأتـــون .
كوّنتك الكلمة ثم جــــاءت تجـــــــــربة الامتــــــحان :
فمـــــــن كان مكوّنـــــــاً ، عليـــه أن يصبــح قاسياً .
إن كان تكوينه حســــــناً جاءت النار وصيّرته قوياً .
نار الامتحان وعــــــــــــــــــــــــذابه يقويان الشـهداء .
إن مدحـــــك الخادعون الماكــــرون وقبـــــــــــــــــلت
كنـــــــــــــت كالعذارى الخمــــــس الجـــــــــــاهلات ؛
أشتريت زيتاً ولــــــم تأخـــــذه معـــك . ألمُ كــسُرك فمُ مادحيـــــــك .
و عليــــه فإن مدحك أحــــــد النـــــاس قــــــــل له : لمَ تمدحــــني ؟
أمــــــدح الله ، ومن أنا حتى تمدحني؟ أو مـــــــــاذا عمــــــــــلت ؟
أي شيء لي ولم آخــــــــذه .
وإن كنتُ أخذتهُ فلماذا أفاخر وكأني لم أخذه ؟
ولكنـــك تقـــول أني أحتمـــل الخداعين وها هم لا يكفـــون عن الضجيـج ،
يمدحــــــــــوني بما لا أريـــــــــــــــــــد
وبما لا أبـــــــه لــــــه
أما ما هــــــــــو عزيـــــــــــز عــــــــلىّ فأنهـــم يشـــــــــــــــــــــــجبونه ،
يا لهــــــــــــــم من ماكـــــــــــــــــــرين خداعين كــــــــــــــــــــــــــذابين .
هم لا يكفون عن الخــــداع ؟
خداعهــــم لا يطـــــيب لي ،
أنــــــــــــه زيت الخاطئ إن لم يكن طيباً فلن يعطر رأسك .
لا تفــــــــرح بأمثــــــــــــــال تلك المدائح ،
ولا تقبل بها ، ولا تــــرضَ ،
ولا تــــــهنئ نفســـك بها ؛
حــــــتى إذا قـــــــــــــدم لك أحدهم زيـــــــــت الخــــداع
ظــــــــــــلّ رأسك ســـالماً ، فمـــــا أنتفــــــــخ ولا تورم ،
لأنــــــــه أن أنتفخ وتورم ثقل عليك وقذفك إلي الهاوية .
أنا لنجد أناســــــاً آخرين يقبلون صامتين ،
عن مكـر أقـــــــــــــــوالاً شــــــــــــــريرة ،
مع أنهم يعرفونهـــــــــا شــــــــــــــــريرة ولا يوبخون قائليها ،
لئــــــلا يهينــــــــــــــوا من ســـــــــمعوها منهـــــــــــــــــــــــم .
أنــــــه لشيء بســــيط ألا يقـــــــــــــولوا :
عملت ســــــــــــــوءاً ، ولكنهم يقولـــون :
حسناً صنــــــــــــــعت لقد ادركوا أنه شر ،
بيد أن الخبـــــــــــــث ملء أفواهمـــــــــم ولسانهم يلاثم الخداع .
الخداع هو بعــــــــض الغش في الكــــــــــلام ،
ويقــــــوم بأن يقول الإنسان بخلاف ما يبطن .
أهـــــــرب من الخـــــــــداع إن كنت خداعـــاً ،
فلســـــــت تعمل الشــــــــــرّ وتسـر به وحسب
لأنك تمـــدح علناً وتسخر ســــــــراً .
أنك تهوّر إنساناً يعــــــــــلن عن عيوبه لحماقة ولا يدري إن كانت أم لا ؛
أما أنت فأنــــك تعـــــــرف العيب ولا تقول له ، أين تلقــــــي بنفســــك ؟
لو رأيته يمشي بــــــــــــلا وعي فـــــــــــي الظــــــــــــــــلام ؛
حــــــيث تعلــم بوجــــــــــود بئر فهـــــــــل تســــــــــــــكت ؟
ومــــن تكــــــــــــــــــون إذ ذاك ؟
ألســـت تقـــدم ذاتــــــــــــــــــــك عدواً لنفســـــــــــــــــــــك ؟
ومع ذلك إن سقط في البئر فلن يخسر نفسه بل جسده .
هـــــــــــو يلقي بنفســــه في رذائــــــله ،
وأنـــــــت تعرفها شريرة ثم تمدحـــــــه وتســخر منه في ســــــــــــــــــرّك ؟
آه لـــــــــو يتّجـــــــه يوماً إلي اللـــــــــه منْ تسخر منه وترفض أن تصلحه ،
ليقول له :( أخز اللهــــــمّ القـــــائلين لي : نعمّـــــــــــــاً نعمّــــــــــــــــــــــــا )
( مزمور 39/16 ).